" صفحة رقم ٣١٠ "
يَأساً من أن يجد ما فكر في انتحاله فانصرف إلى الاستكبار والأنفة من أن يشهد للقرآن بما فيه من كمال اللفظ والمعنى.
ويجوز أن يكون مستعاراً لزيادة إعراضه عن تصديق النبي ( ﷺ ) كقوله تعالى :( ثم أدبر يسعى حكاية عن فرعون في سورة النازعات.
وصفت أشكاله التي تشكَّل بها لما أجهد نفسه لاستنباط ما يصف به القرآن، وذلك تهكم بالوليد.
وصيغة الحصر في قوله : إِنْ هذا إلاّ سحر يؤثر ( مشعرة بأن استقراء أحوال القرآن بعد السَبر والتقسيم أنتج له أنه من قبيل السحر، فهو قصر تعيين لأحد الأقوال التي جالت في نفسه لأنه قال : ما هو بكلام شاعر ولا بكلام كاهن ولا بكلام مجنون، كما تقدم في خبره.
ووصَف هذا السحر بأنه مأثُور، أي مروي عن الأقدمين، يقول هذا ليدفع به اعتراضاً يرد عليه أن أقوال السحرة وأعمالهم ليست مماثلة للقرآن ولا لأحوال الرسول فزعم أنه أقوال سحرية غير مألوفة.
وجملة ) إنْ هذا إلاّ قول البشر ( بدل اشتمال من جملة ) إن هذا إلاّ سحر يؤثر ( بأن السحر يكون أقوالاً وأفعالاً فهذا من السحر القولي. وهذه الجملة بمنزلة النتيجة لما تقدم، لأن مقصوده من ذلك كله أنّ القرآن ليس وحياً من الله.
وعطف قوله :( فقال ( بالفاء لأنّ هذه المقالة لما خطرت بباله بعد اكتداد فكره لم يتمالك أن نطق بها فكان نطقه بها حقيقاً بأن يعطف بحرف التعقيب.
( ٢٦ ٣٠ ) ) ).
جملة ) سأُصليه سقر ( مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله :( إنه فكّر وقدّر ( ( المدثر : ١٨ ) إلى آخر الآيات فذكر وعيده بعذاب الآخرة.