" صفحة رقم ٣٢٠ "
للبشر ليتذكروا دار العقاب بتوصيف بعض صفاتها لأن في ذكر الصفة عوناً على زيادة استحضار الموصوف، فغرض القرآن الذكرى، وقد اتخذه الضالّون ومرضى القلوب لهواً وسخرية ومِراء بالسؤال عن جعلهم تسعة عشر ولِمَ لم يكونوا عشرين أو مئات أو آلافاً.
وضمير ) هي ( على هذا الوجه إلى ) عدتهم.
ويجوز أن يرجع الضمير إلى الكلام السابق وتأنيث ضميره لتأويله بالقصّة أو الصفة أو الآيات القرآنية.
والمعنى : نظير المعنى على الاحتمال الأول.
ويحتمل أن يرجع إلى سَقَر ( ( المدثر : ٢٦ ) وإنما تكون ) ذِكْرى ( باعتبار الوعيد بها وذكرِ أهوالها.
والقصرُ متوجه إلى مضاف محذوف يدل عليه السياق تقديره : وما ذكرها أو وصفها أو نحو ذلك.
ويحتمل أن يرجع ضمير ) هي ( إلى ) جنود ربّك ( والمعنَى المعنى، والتقديرُ التقديرُ، أي وما ذكرها أو عِدة بعضها.
وجوّز الزجاج أن يكون الضمير راجعاً إلى نار الدنيا، أي أنها تذكر للناس بنار الآخرة، يريد أنه من قبيل قوله تعالى :( أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون نحن جعلناها تَذْكرة ( ( الواقعة : ٧١ ٧٣ ). وفيه محسن الاستخدام.
وقيل : المعنى : وما عدتهم إلاّ ذكرى للناس ليعلموا غنى الله عن الأعوان والجند فلا يظلوا في استقلال تسعة عشر تجاه كثرة أهل النار.
وإنما حَمَلَت الآية هذه المعانيَ بحسن موقعها في هذا الموضع وهذا من بلاغة نظم القرآن. ولو وقعت إثر قوله :( لواحة للبشر ( ( المدثر : ٢٩ ) لتمحض ضمير ) وما هي إلاّ ذكرى ( للعود إلى سقر، وهذا من الإعجاز بمواقع جمل القرآن كما في المقدمة العاشرة من مقدمات هذا التفسير.
وبين لفظ البشر المذكور هنا ولفظ البشَر المتقدم في قوله :( لوّاحة للبشر ( التّجنيس التام.