" صفحة رقم ٣٤٩ "
( ١٦ ١٩ ) ) ).
هذه الآية وقعت هنا معترضة. وسبب نزولها ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس أنه قال :( كان رسول الله ( ﷺ ) إذا نزل عليه القرآن يُحرك به لسانه يُريد أن يحفَظَه مخافةَ أن يتَفَلَّتَ منه، أو من شدة رغبته في حِفْظه فكان يلاقي من ذلك شدة فأنَزَل الله تعالى :( لا تُحَرِّكْ به لسانك لتَعْجَل بِه إِنَّ علينا جمعَه وقرآنه ). قال : جَمْعَه في صدرك ثم تَقْرَأُه فإذا قرأنَاه فاتّبعْ قُرْآنه قال فاستَمِعْ له وأنْصِتْ، ثم إن علينا أن نبيّنه بلسانك، أي أن تقرأه ) اه. فلما نزل هذا الوحي في أثناء نزول السورة للغرض الذي نزل فيه ولم يَكن سورةً مستقلة كان ملحقاً بالسورة وواقعاً بين الآي التي نَزَل بينها.
فضمير ) به ( عائد على القرآن كما هو المعروف في آيات كثيرة.
وقوله :( فإذا قرأناه (، أي إذا قَرأه جبريل عنا، فأُسْنِدَتْ القراءةُ إلى ضمير الجلالة على طريقة المجاز العقلي، والقرينة واضحة.
ومعنى ) فاتَّبع قرآنه (، أي أنْصِتْ إلى قِرَاءتِنَا.
فضمير ) قَرأناه ( راجع إلى ما رجع إليه ضمير الغائب في ) لا تُحرك به ( وهو القرآن بالمعنى الأسمي، فيكون وقوع هذه الآية في هذه السورة مثل وقوع ) ومَا نتنزّل إلاّ بأمر ربك ( في سورة مريم، ووقوع ) حافظوا على الصلوات والصلاةِ الوسطى في أثناء أحكام الزوجات في سورة البقرة. قالوا : نزلت هذه الآية في أثناء سورة القيامة : هذا ما لا خلاف فيه بين أهل الحديث وأيمة التفسير. وذكر الفخر عن القفال أنه قال : إن قوله : لا تُحرك به لسانك ( ليس خطاباً مع الرسول ( ﷺ ) بل هو خطاب مع الإِنسان المذكور في قوله :( ينبَّأ الإِنسان ( ( القيامة : ١٣ ) فكان ذلك للإِنسان حا لَما يُنَبَّأُ بقبائح أفعاله فيقال له : اقرأ كتابك، فإذا أخذ في القراءة تلجلج لسانه فيقال له : لا تحرك به لسانك لتعجل به فإنه يجب علينا بحكم الوعد أو بحكم الحكمة أن نجمع أعمالك وأن نقرأها عليك فإذا


الصفحة التالية
Icon