" صفحة رقم ٣٥٩ "
وقال النابغة يذكر حالةَ من لدغته أفعى :
تناذرها الراقُون من سُوء سمعها
تُطلقه طَوْراً وطَوراً تُراجع
وكانَ الراقي ينفث على المَرْقِيّ ويتفُل، وأشار إليه الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين بقوله :( ثم إنه طَمَس المكتوب على غَفلة، وتَفَلَ عليه مِائَةَ تَفْلَة ).
وأصل الرقية : ما ورثه العرب من طلب البركة بأهل الصلاح والدعاء إلى الله، فأصلها وارد من الأديان السماوية، ثم طرأ عليها سوء الوضع عند أهل الضلالة فألحقوها بالسحر أو بالطب، ولذلك يخلطونها من أقواللٍ ربما كانت غير مفهومة، ومن أشياءَ كأحجار أو أجزاء من عظم الحيوان أو شعره، فاختلط أمرها في الأمم الجاهلة، وقد جاء في الإِسلام الاستشفاء بالقرآن والدعوات المأثورة المتقبلة من أربابها وذلك من قبيل الدعاء.
والضمير المستتر في ) ظَنَّ ( عائد إلى الإِنسان في قوله :( بل يريد الإِنسان ( ( القيامة : ٥ ) أي الإِنسان الفاجر.
والظن : العلم المقارب لليقين، وضمير ) أنه ( ضمير شأن، أي وأيقن أنه، أي الأمر العظيم الفراقُ، أي فراق الحياة.
وقوله :( والتفَّت الساقُ بالساق ( إن حمل على ظاهره، فالمعنى التفافُ ساقَي المحْتضر بعد موته إذ تُلَفُّ الأَكفان على ساقيْه ويُقرن بينهما في ثوب الكفن فكُلُّ ساق منهما ملتفة صحبةَ الساق الأخرى، فالتعريف عوض عن المضاف إليه، وهذا نهاية وصف الحالة التي تهيَّأ بها لمصيره إلى القبر الذي هو أول مراحل الآخرة.
ويجوز أن يَكون ذلك تمثيلاً فإن العرب يستعملون الساق مثلاً في الشدة وجِدّ الأمر تمثيلاً بساق الساعي أو الناهض لعمل عظيم، يقولون : قامت الحرب على ساق.
وأنشد ابنُ عباس قولَ الراجز :
صبراً عَنَاقُ إنه لَشِرْبَاقْ
قد سَنَّ لي قومُك ضَرْبَ الأعناق
وقَامتْ الحربُ بِنا على سَاقْ


الصفحة التالية
Icon