" صفحة رقم ٣٦٢ "
أو إطعام إلى قوله : من الذين ءامنوا ( ( البلد : ١٢ ١٧ ). فلما كان ذلك متعلق الفعل المنفي كان الفعل في تأويل تكرير النفي كأنه قيل : فَكَّ رقبة ولا أطعَم يتيماً ولا أطعم مسكيناً ولا آمن.
وجملة ) ولكن كذب ( معطوفة على جملة ) فلا صدّق ).
وحرف ) لكن ( المخفف النون بالأصالة أي الذي لم يكن مُخفَّفَ النون المشددة أختَ ( إنّ ) هو حرف استدراك، أي نقض لبعض ما تضمنته الجملة التي قبله إِما لمجرد توكيد المعنى بذكر نقيضه مثل قوله تعالى :( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم ( ( الأحزاب : ٥ )، وإما لبيان إجمال في النفي الذي قبله نحو ) ما كان محمدٌ أبَاً أحد من رجالكم ولكن رسولَ الله ( ( الأحزاب : ٤٠ ).
وحرف ) لكن ( المخفف لا يعمل إعراباً فهو حرف ابتداء ولذلك أكثر وقوعه بعد واو العطف وجُملة ) ولكن كذب وتولى ( أفادت معنيين : أحدهما توكيد قوله ) فلا صدَّق ( بقوله :( كَذب (، وثانيهما زيادة بيان معنى ) فَلا صدق ( بأنه تولَّى عمداً لأنّ عدم التصديق له أحوال، ونظيره في غير الاستدراك قوله تعالى :( إلاّ إبليس أبى واستكبر ( ( البقرة : ٣٤ ).
والتكذيب : تكذيبه بالبعث وبالقرآن وبرسالة محمد ( ﷺ )
والتولي : الإِعراض عن دعوته إلى النظر والتدبر في القرآن.
وفاعل ) صَدق ( والأفعال المذكورة بعده ضمائر عائدة على الإِنسان المتقدم ذكره.
و ) يتمطّى ( : يمشي المُطَيْطَاءَ ( بضم الميم وفتح الطاء بعدها ياء ثم طاء مقصورة وممدودة ) وهي التبختر.
وأصل ) يتمطى ( : يتمطط، أي يتمدد لأن المتبختر يمُدّ خطاه وهي مشية المعجب بنفسه. وهنا انتهى وصف الإِنسان المكذب.
والمعنى : أنه أهمل الاستعداد للآخرة ولم يعبأ بدعوة الرسول ( ﷺ ) وذهب إلى أهله مزدهياً بنفسه غير مفكر في مصيره.
قال ابن عطية : قال جمهور المتأولين : هذه الآية كلها من قوله :( فَلا صدّق ولا