" صفحة رقم ٣٧٧ "
وصفِ شاكر ووصففِ كفور، فأحدُ الوصفين على الترديد مقارنٌ لحال إرشاده إلى السبيل، وهي مقارنةٌ عرفية، أي عَقب التبليغ والتأمل، فإن أخذ بالهدى كان شاكراً وإن أعرض كان كفوراً كمن لم يأخذ بإرشاد من يهديه الطريق فيأخذ في طريق يلقى به السباع أو اللصوصَ، وبذلك تم التمثيل الذي في قوله :( إِنا هديناه السبيل ).
أريد التخلص إلى جزاء الفريقين الشاكر والكفور.
والجملة مُستأنفة استئنافاً بيانياً لأن قوله :( إمّا شاكراً وإمّا كفوراً ( ( الإنسان : ٣ ) يثير تطلع السامعين إلى معرفة آثار هذين الحالين المترددِ حالُه بينَهما، فابتدىء بجزاء الكافر لأن ذكره أقرب.
وأكد الخبر عن الوعيد بحرف التأكيد لإِدخال الروْع عليهم لأن المتوعِّد إذا أكَّد كلامه بمؤكِّد فقد آذن بأنه لا هوادة له في وعيده.
وأصل ) أعتَدْنا ( أعدَدنا، بدالين، أي هيأنا للكافرين، يقال : اعتدّ كما يقال : أعَدَّ، قال تعالى :( وَأعَتدتْ لهن متّكَأً ( ( يوسف : ٣١ ).
وقد تردد أيمة اللغة في أن أصل الفعل بدالين أو بتاء ودال فلم يجزموا بأيهما الأصل لكثرة ورود فعل : أعدّ، وفعل اعْتَدَّ في الكلام والأظهر أنهما فعلان نشآ من لغتين غير أن الاستعمال خصّ الفعل ذا التاء بعُدة الحرب فقالوا : عَتَاد الحرب ولم يقولوا عدَاد.
وأما العُدة بضم العين فتقع على كل ما يعد ويهيأ، يقال : أعد لكل حال عُدة. ويطلق العَتاد على ما يُعدّ من الأمور.
والأكثر أنه إذا أريد الإِدغام جيء بالفعل الذي عينه دال وإذا وجد مقتضى فك الإِدغام لموجب مثل ضمير المتكلم جيء بالفعل الذي عينه تاء.
والسلاسل : القيود المصنوعة من حَلق الحديد يقيد بها الجناة والأسرى.
والأغلال : جمع غُلّ بضم الغين، وهو حلقة كبيرة من حديد توضع في رقبة


الصفحة التالية
Icon