" صفحة رقم ٣٨٤ "
( ٨ ١٠ ).
خصص الإِطَعام بالذكر لما في إطعام المحتاج من إيثاره على النفس كما أفاد قوله ) على حبه ).
والتصريح بلفظ الطعام مع أنه معلوم من فعل ) يطعمون ( توطئةٌ ليبنى عليه الحال وهو ) على حبه ( فإنه لو قيل : ويطعمون مسكيناً ويتيماً وأسيراً لفات ما في قوله ) على حبه ( من معنى إيثار المحاويج على النفس، على أن ذكر الطعام بعد ) يطعمون ( يفيد تأكيداً مع استحضار هيئة الإِطعام حتى كأنَّ السامع يشاهد الهيئة.
و ) على حبه ( في موضع الحال من ضمير ) يطعمون ).
و ) على ( بمعنى ( مع )، وضمير ) حبه ( راجع للطعام، أي يطعمون الطعام مصحوباً بحبه، أي مصاحباً لحبهم إياه وحب الطعام هو اشتهاؤه.
فالمعنى : أنهم يطعمون طعاماً هم محتاجون إليه.
ومجيء ) على ( بمعنى ( مع ) ناشىء عن تمَجز في الاستعلاء، وصورته أن مجرور حرف ) على ( في مثله أفضل من معمول متعلقها فنزل منزلة المعتلي عليه.
والمسكين : المحتاج. واليتيم : فاقد الأب وهو مظنة الحاجة لأن أحوال العرب كانت قائمة على اكتساب الأب للعائلة بكدحه فإذا فُقد الأب تعرضت العائلة للخصاصة.
وأما الأسير فإذ قد كانت السورة كلها مكية قبل عِزّة المسلمين، فالمراد بالأسير العبد من المسلمين إذ كان المشركون قد أجاعوا عبيدهم الذين أسلموا مثل بلال وعمار وأمه وربما سيَّبوا بعضهم إذا أضجرهُم تعذيبهم وتركوهم بلا نفقة.
والعبودية تنشأ من الأسر فالعبد أسير ولذلك يقال له العاني أيضاً قال النبي