" صفحة رقم ٣٩٨ "
وفعل ) رأيتَ ( الأول منزل منزلة اللازم يدل على حصول الرؤية فقط لا تعلُّقِها بمرئي، أي إذا وجهت نظرك، و ) رأيتَ ( الثاني جواب ) إذا (، أي إذا فتحت عينك ترى نعيماً.
والتقييد ب ) إذا ( أفاد معنى الشرطية فدل على أن رؤية النعيم لا تتخلف عن بصر المبصر هنالك فأفاد معنى : لا ترى إلاّ نعيماً، أي بخلاف ما يرى في جهات الدنيا.
وفي قوله :( ومُلْكاً كبيراً ( تشبيه بليغ، أي مثل أحوال المُلك الكبير المتنعِّم ربه.
وفائدة هذا التشبيه تقريب المشبه لِمدارك العقول.
والكبير مستعار للعظيم وهو زائد على النعيم بما فيه من رفعة وتذليل للمصاعب.
هذه الأشياء من شعار الملوك في عرف الناس زَمانَئِذ، فهذا مرتبط بقوله ) ومُلكاً كبيراً ( ( الإنسان : ٢٠ ).
وقرأ نافع وحمزة وأبو جعفر ) عَاليهم ( بسكون الياء على أن الكلام جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لجملة ) رأيْتَ نعيماً ومُلْكاً كبيراً ( ( الإنسان : ٢٠ )، ف ) عاليهم ( مبتدأ و ) ثياب سندس ( فاعلُه سادٌّ مسدّ الخبر وقد عمل في فاعله وإن لم يكن معتمداً على نفي أو استفهام أو وصف، وهي لغة خَبير بنو لهب وتكون الجملة في موضع البيان لجملة :( رأيت نعيماً ( ( الإنسان : ٢٠ ).
وقرأ بقية العشرة ) عَاليَهم ( بفتح التحتية على أنه حال مفرد ل ) الأبرار ( ( الإنسان : ٥ )، أي تلك حالة أهل الملك الكبير.
وإضافة ) ثياب ( إلى ) سندس ( بيانية مثل : خَاتَم ذَهَببِ، وثَوْببِ خَزَ، أي منه.
والسندس : الديباج الرقيق.


الصفحة التالية
Icon