" صفحة رقم ٤٠٨ "
ومتعلق ) يحبّون ( مضافٌ محذوف، تقديره : نعيمَ أو منافعَ لأن الحب لا يتعلق بذات الدنيا.
وفي إيثار ذكر الدنيا بوصف العاجلة توطئة للمقصود من الذم لأن وصف العاجلة يؤذن بأنهم آثروها لأنها عاجلة. وفي ذلك تعريض بتحميقهم إذ رضُوا بالدون لأنه عاجل وليس ذلك من شيم أهل التبصر، فقوله :( ويذرون ورآءهم يوماً ثقيلاً ( واقع موقع التكميل لمناط ذمهم وتحميقهم لأنهم لوْ أحبُّوا الدنيا مع الاستعداد للآخرة لما كانوا مذمومين قال تعالى حكاية لقول الناصحين لقارون :( وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا ( ( القصص : ٧٧ ). وهذا نظير قوله تعالى :( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ( ( الروم : ٧ ) إذ كان مناط الذم فيه هو أن قصروا أنفسهم على علم أمور الدنيا مع الإِعراض عن العلم بالآخرة.
ومُثلوا بحال من يترك شيئاً وراءه فهو لا يسعى إليه وإنما يسعى إلى ما بين يديه.
وإنما أعرضوا عنه لأنهم لا يؤمنون بحلوله فكيف يسعون إليه.
وصيغة المضارع في ) يذرون ( تقتضي أنهم مستمرون على ذلك وأن ذلك متجدد فيهم ومتكرر لا يتخلفون عن ذلك الترك لأنهم لا يؤمنون بحلول ذلك اليوم، فالمسلمون لا يذرون وراءهم هذا اليوم لأنهم لا يَخلُون من عمل له على تفاوت بينهم في التقوى.
واليومُ الثقيل : هو يوم القيامة، وُصف بالثقيل على وجه الاستعارة لشدة ما يحصل فيه من المتاعب والكروب فهو كالشيء الثقيل الذي لا يستطاع حمله.
والثقل : يستعار للشدة والعسر قال تعالى :( ثقُلت في السماوات والأرض ( ( الأعراف : ١٨٧ ) وقال :( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ( ( المزمل : ٥ ).


الصفحة التالية
Icon