" صفحة رقم ٤٢٦ "
كانت تنتظره وهو يوم القيامة ) اه. وهذا صريح في أنه يقال : وُقت بمعنى أُحْضر في الوقت المعيَّن، وسلمه شراح ( الكشاف ) وهو معنى مغفول عنه في بعض كتب اللغة أو مطوي بخفاء في بعضها.
ويجيء على القولين أن يكون قوله :( لأي يوم أجّلت ( استئنافاً، وتُجعَل ( أيُّ ) اسم استفهام مستعمل للتهويل كما درج عليه جمهور المفسرين الذين صرّحوا ولم يُجْمِلُوا، والذي يظهر لي أن تكون ( أيٌّ ) موصولة دالّة على التعظيم والتهويل وهو ما يعبر عنه بالدّال على معنى الكمال وتكون صفة لموصوف محذوف يدل عليه ما أضيفت إليه ( أيٌّ ) وتقديره : ليوممِ أيِّ يوممٍ، أي ليوممٍ عظيم. ويكون معنى ) أقتت ( حضر ميقاتها الذي وُقِّت لها، وهو قول ابن عباس جُمعت، وفي ( اللسان ) على الفراء :( أُقتت ( جُمعت لوقتها، وذلك قول الله تعالى :( يومَ يجمع الله الرسل ( ( المائدة : ١٠٩ ) وقوله :( فكيف إذا جِئْنَا من كل أمة بشهيد وجِئْنَا بك على هؤلاء شهيداً ( ( النساء : ٤١ ).
ويكون اللام في قوله :( لأي يوم أُجّلت ( لامَ التعليل، أي جمعت لأجل اليوم الذي أُجّلت إليه. وجملة ) أُجّلت ( صفة ليوم، وحذف العائد لظهوره، أي أجّلت إليه.
وقوله :( ليوم الفصل ( بدل من ) لأي يوم أُجِّلت ( بإعادة الحرف الذي جُرَّ بهِ المبدل منه كقوله تعالى :( تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا ( ( المائدة : ١١٤ ) أي أحضرت الرسل ليوم عظيم هو يوم الفصل.
والظاهر أن المبدل منه والبدل دليلان على جواب ( إذا ) من قوله ) فإذا النجوم طمست ( الخ، إذ يُعلم أن المعنى إذا حصل جميع ما ذُكر فذلك وقوع ما تُوعدون.
وجملة ) لأي يوم أجِّلت ليوم الفصل ( قد علمت آنفاً الوجه الوجيه في معناها. ومن المفسرين من جعلها مقول قول محذوف : يقال يومَ القيامة، ولا داعي إليه.
و ) الفصل ( : تمييز الحق من الباطل بالقضاء والجزاءِ إذ بذلك يزول الالتباس والاشتباه والتمويه الذي كان لأهل الضلال في الدنيا فتتضحُ الحقائق على ما هي عليه في الواقع.


الصفحة التالية
Icon