" صفحة رقم ٤٣٦ "
فوُصف الدخان بأنه ذو ثلاث شعب لأنه يكون كذلك يوم القيامة. وقد قيل في سبب ذلك : إن شعبة منه عن اليمين وشعبة عن اليسار وشعبة من فوق، قال الفخر :( وأقول هذا غير مستبعد لأن الغضب عن يمينه والشهوة عن شماله والقوة الشيطانية في دماغه، ومنبع جميع الآفات الصادرة عن الإِنسان في عقائده وفي أعماله ليس إلاّ هذه الثلاثة، ويمكن أن يقال ها هنا ثلاث درجات وهي : الحِس، والخيال، والوهَم. وهي مانعة للروح من الاستنارة بأنوار عالم القدس ) اه.
والظليل : القوي في ظِلاله، اشتق له وصف من اسمه لإفادة كماله فيما يراد منه مثل : لَيْلٌ ألْيَلُ، وشِعْرٌ شَاعِرٌ، أي ليس هو مثل ظل المؤمنين قال تعالى :( ونُدخلهم ظِلاًّ ظليلاً ( ( النساء : ٥٧ ). وفي هذا تحسير لهم وهو في معنى قوله تعالى :( وظِلَ من يَحموم لا بَارِد ولا كريم ( ( الواقعة : ٤٣، ٤٤ ).
وجُرّ ) ظليل ( على النعت ل ) ظل (، وأقحمت ) لا ( فصارت من جملة الوصف ولا يظهر فيها إعراب كما تقدم في قوله تعالى :( إنها بقرةٌ لاَ فَارض ولا بِكْر ( ( البقرة : ٦٨ ) وشأن ) لا ( إذا أدخلت في الوصف أن تكرر فلذلك أعيدت في قوله :( ولا يغني من اللهب ).
والإِغناء : جعل الغير غنياً، أي غير محتاج في ذلك الغرض، وتعديته ب ( مِن ) على معنى البدلية أو لتضمينه معنى : يُبعد، ومثله قوله تعالى :( وما أُغني عنكم من الله مِنْ شيء ( ( يوسف : ٦٧ ). وبذلك سلب عن هذا الظل خَصائص الظلال لأن شأن الظل أن ينفس عن الذي يأوي إليه أَلَم الحر.
( ٣٢ ٣٣ ).
يجوز أن يكون هذا من تمام ما يقال للمكذبين الذين قيل لهم :( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ( ( المرسلات : ٢٩ )، فإنهم بعد أن حصل لهم اليأس مما ينفِّس عنهم ما يَلقون من العذاب، وقيل لهم : انطلقوا إلى دخان جهنم ربما شاهدوا ساعتئذٍ جهنم تقذف


الصفحة التالية
Icon