" صفحة رقم ٦٨ "
وهذا الانتقال تضمن وعداً ووعيداً، بإضافة السبيل إلى الله ومقابلةِ من ضل عنه بالمهتدين.
وعمومُ من ضل عن سبيله وعمومُ المهتدين يجعل هذه الجملة مع كونها كالدليل هي أيضاً من التذييل.
وهو بعدَ هذا كله تمهيد وتوطئة لقوله :( فلا تطع المكذبين ( ( القلم : ٨ ).
( ٨ ٩ ).
تفريع على جملة ) إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ( ( القلم : ٧ ) إلى آخرها، باعتبار ما تضمنته من أنه على الهدى، وأن الجانب الآخر في ضلال السبيل، فإن ذلك يقتضي المشادة معهم وأن لا يلين لهم في شيء، فإن أذاهم إياه آل إلى محاربة الحق والهدى، وتَصلّب فيما هم عليه من الضلال عن سبيل الله فلا يستأهلون به لِيناً ولكن يستأهلون إغلاظاً.
رُوي عن الكلبي وزيد بن أسلم والحسن بألفاظ متقاربة تحوم حول أن المشركين ودّوا أن يمسك النبي ( ﷺ ) عن مجاهرتهم بالتضليل والتحقير فيمسكوا عن أذاه، ويصانعَ بعضُهم بعضاً فنهاه الله عن إجابتهم لما وَدُّوا.
ومعنى ) ودُّوا ( : أحبوا.
وليس المراد أنهم ودُّوا ذلك في نفوسهم فأطْلَع الله عليه رسوله ( ﷺ ) لعدم مناسبته لقوله :( فلا تطع المكذبين (
وورد في كتب السيرة أن المشركين تقدموا للنبيء ( ﷺ ) بمثل هذا العرض ووسطوا في ذلك عمه أبا طالب وعتبة بن ربيعة.
فينتظم من هذا أن قوله ) فلا تطع المكذبين ( نهي عن إجابتهم إلى شيء عرضوه عليه عندما قرعهم بأول هذه السورة وبخاصة من وقْع معنى التعريض البديع الممزوج بالوعيد بسوء المستقبل من قوله :( فستبصُر ويبصرون بأيكم المفتون إلى قوله : بالمهتدين ( ( القلم : ٥ ٧ ) فلعلهم تحدثوا أو أوعَزُوا إلى من يخبر الرسول ( ﷺ ) أو صارحوه بأنفسهم بأنه إن ساءه قولهم فيه ) إنه لمجنون ( ( القلم : ٥١ ) فقد