" صفحة رقم ٧٧ "
لفظه وإن كان معناه الجماعات فإفراد ضميره كإفراد ما أضيف إليه ) كلَّ ( ( القلم : ١٠ ) من الصفات التي جاءت بحالة الإِفراد.
والمعنى : سنسم كل هؤلاء على الخراطيم، وقد علمت آنفاً أن ذلك تعريض بمعيّن بصفة قوله :( أساطير الأولين ( ( القلم : ١٥ ) وبأنه ذو مال وبنين.
و ) الخرطوم ( : أريد به الأنف. والظاهر أن حقيقة الخرطوم الأنف المستطيل كأنف الفيل والخنزير ونحوهما من كل أنف مستطيل. وقد خلط أصحاب اللّغة في ذكر معانيه خلطاً لم تتبين منه حقيقته من مجازه.
وذكر الزمخشري في ( الأساس ) معانيه المجازية ولم يذكر معناه الحقيقي، وانبهم كلامه في ( الكشاف ) إلاّ أن قوله فيه : وفي لفظ ) الخُرطوم ( استخفاف وإهانة، يقتضي أن إطلاقه على أنف الإِنسان مجاز مرسل، وجزم ابن عطية : أن حقيقة الخرطوم مَخْطَممِ السَبع أي أنف مثل الأسد، فإطلاق الخرطوم على أنف الإِنسان هنا استعارة كإِطلاق المِشفر وهو شفة البعير على شفة الإِنسان في قول الفرزدق :
فلو كنتَ ضبيّاً عرفتَ قرابتي
ولكنَّ زنجيّ غَليظُ المشافر
وكإطلاق الجحفلة على شفة الإِنسان ( وهي للخيل والبغال والحمير ) في قول النابغة يهجو لبيد بنَ ربيعة :
ألا مَن مبلغٌ عني لبيداً
أبا الوَرداء جَحْفَلةَ الأَتان
والوسم للإبل ونحوها، جعل سِمة لها أنها من مملوكات القبيلة أو المالك المعيَّن.
فالمعنى : سنعامله معاملةً يُعرف بها أنه عبدُنا وأنه لا يغني عنه ماله وولده منا شيئاً.
فالوسم : تمثيل تتبعه كناية عن التمكن منه وإظهار عجزه.
وأصل ( نسمه ) نَوْسِمه مثل : يَعِد ويَصِل.
وذِكر الخرطوم فيه جمع بين التشويه والإِهانة فإن الوسم يقتضي التمكن وكونَه في الوجه إذلالاً وإهانة، وكونه على الأنف أشد إذلالاً، والتعبير عن الأنف بالخرطوم