" صفحة رقم ٩٥ "
يحسن تعلقه ب ) بالغة ( تعلق الظرف اللغو لأنه يصير ) بالغة ( مستعملاً في معنى مشهور قريب من الحقيقة، ومحملُ ) بالغة ( على الاستعارة التي ذكرنا أجزل وجملة ) إن لكم لَما تحكمون ( بيان ل ) أيمان، ( أي أيمان بهذا اللفظ.
ومعنى ( ما تحكمون ) تأمرون به دون مراجَعة، يقال : نزلوا على حكم فلان، أي لم يعينوا طِلبة خاصة ولكنهم وكلوا تعيين حقهم إلى فلان، قال خَطاب أو حطان بن المُعلَّى :
أنزلني الدّهر على حكمه
من شامخخٍ عاللٍ إلى خفض
أي دون اختيار لي ولا عمل عملته فكأنني حكمت الدّهر فأنزلني من معاقلي وتصرف فيَّ كما شاء.
ومن أقوالهم السائرة مسرى الأمثال ( حُكْمُكَ مُسَمَّطاً ) ( بضم الميم وفتح السين وفتح الميم الثانية مشددة ) أي لك حكمك نافذاً لا اعتراض عليك فيه. وقال ابن عَثمة :
لك المِرباع منها والصفايا
وحكْمُك والنشيطةُ والفُضول
استئناف بياني عن جملة ) أم لكم أيمان علينا بالغة ( ( القلم : ٣٩ )، لأن الأيمان وهي العهود تقتضي الكفلاء عادة قال الحارث بن حِلِّزة :
واذكُروا حِلف ذِي المَجاز وما قُدِّ
م فيه العهودُ والكفلاء
فلما ذُكر إنكار أن يكون لهم عهود، كُمل ذلك بأن يطلب منهم أن يعينوا من هم الزعماء بتلك الأيمان.
فالاستفهام في قوله :( سلهم أيهم بذلك زعيم ( مستعمل في التهكم زيادة على الإِنكار عليهم.
والزعيم : الكفيل وقد جعل الزعيم أحداً منهم زيادة في التهكم وهو أن جعل الزعيم لهم واحداً منهم لعزتهم ومناغاتهم لكبرياء الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon