" صفحة رقم ١٤٩ "
الثاني أنّها كتبت في المصحف بالياء، وهذا لم يذكروه في توجيه كونه عربياً، وسبب كتابته كذلك الإشارة إلى لغةِ إمالته.
وأما الإنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه.
وهو اسم معرّب قيل من الرومية وأصله ( إثَانْجَيْلِيُوم ) أي الخبر الطيّب، فمدلوله مدلول اسم الجنس، ولذلك أدخلوا عليه كلمة التعريف في اللغة الرومية، فلمّا عرّبه العرب أدخلوا عليه حرف التعريف، وذكر القرطبي عن الثعلبي أنّ الإنجيل في السريانية وهي الآرامية ( أنكليون ) ولعلّ الثعلبي اشتبه عليه الرومية بالسريانية، لأنّ هذه الكلمة ليست سريانية وإنّما لما نطق بها نصارى العراق ظنّها سريانية، أو لعلّ في العبارة تحريفاً وصوابها اليونانية وهو في اليونانية ( أووَانَيْلِيُون ) أي اللفظ الفصيح. وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقاً من النجل وهو الماء الذي يخرج من الأرض، وذلك تعسّف أيضاً. وهمزة الإنجيل مكسورة في الأشهر ليجري على وزن الأسماء العربية ؛ لأنّ إفعيلاً موجود بقلة مثل إبْزِيممٍ، وربّما نطق به بفتح الهمزة، وذلك لا نظير له في العربية.
و ) مِنْ قَبْلُ ( يتعلّق ) بأنْزَلَ (، والأحسن أن يكون حالاً أولى من التوراة والإنجيل، و ( هُدَى ) حال ثانية. والمُضافُ إليه قبلُ محذوف مَنويُّ مَعْنَى، كما اقتضاه بناء قبل على الضم، والتقدير من قبل هذا الزمان، وهو زمان نزول القرآن.
وتقديم ) مِنْ قبلُ ( على ) هدَى للناس ( للاهتمام به. وأما ذكر هذا القيد فلكي لا يتوهّم أنّ هُدى التوراةِ والإنجيللِ مستمرّ بعد نزول القرآن. وفيه إشارة إلى أنّها كالمقدّمات لِنزول القرآن، الذي هو تمام مراد الله من البشر ) إنّ الدينَ عند الله الإسلام ( ( آل عمران : ١٩ ) فالهدى الذي سبقه غير تام.
و ) للناس ( تعريفه إمّا للعهد : وهم الناس الذي خوطبوا بالكتابين، وإمّا للاستغراق العُرفي : فإنّهما وإن خوطب بهما ناس معروفون، فإنّ ما اشتملا عليه يَهتدي به كلّ من أراد أن يهتدي، وقد تهوّد وتنصّر كثير ممّن لم تشملهم دعوة موسى وعيسى عليهما السلام، ولا يدخل في العموم الناسُ الذين دعاهم محمد ( ﷺ ) لأنّ القرآن


الصفحة التالية
Icon