" صفحة رقم ١٥١ "
والعزيز تقدم عند قوله تعالى في سورة البقرة ( ٢٠٩ ) :( فاعلموا أن اللَّه عزيز حكيم.
والانتقام : العقاب على الاعتداء بغضب، ولذلك قيل للكاره : ناقم. وجيء في هذا الوصف بكلمة ( ذو ) الدالة على المِلك للإشارة إلى أنّه انتقام عن اختيار لإقامة مصالح العباد وليس هو تعالى مندفعاً للانتقام بدافع الطبع أو الحنق.
٥ ) ) إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَىْءٌ فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ ).
استئناف يتنزّل منزلة البيان لوصف الحي لأنّ عموم العلم يبيِّن كمال الحياة. وجيء ب ( شيء ) هنا لأنّه من الأسماء العامة.
وقوله :( في الأرض ولا في السماء ( قصد منه عمومُ أمكنة الأشياء، فالمراد من الأرض الكرة الأرضية : بما فيها من بحار، والمراد بالسماء جنس السماوات : وهي العوالم المتباعدة عن الأرض. وابتدىء في الذكر بالأرض ليتسنَّى التدرّج في العطف إلى الأبعد في الحكم ؛ لأنّ أشياء الأرض يعلم كثيراً منها كثيرٌ من الناس، أما أشياءالسماء فلا يعلم أحد بعضها فضلاً عن علم جميعها.
٦ ) ) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الاَْرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).
استئناف ثان يبيّن شيئاً من معنى القيّومية، فهو كبدل البعض من الكل، وخصّ من بين شؤون القيّومية تصويرُ البشر لأنّه من أعجب مظاهر القدرة ؛ ولأنّ فيه تعريضاً بالرد على النصارى في اعتقادهم إلاهية عيسى من أجل أنّ الله صوّره بكيفية غير معتادة فبيّن لهم أنّ الكيفيات العارضة للموجودات كلّها مِن صنع الله وتصويره : سواء المعتاد، وغيرُ المعتاد.
) وكيف ( هنا ليس فيها معنى الاستفهام، بل هي دالة على مجّد معنى الكيفية ؛ أي الحالة، فهي هنا مستعملة في أصلها الموضوعة له في اللغة ؛ إذ لا ريب في أنّ


الصفحة التالية
Icon