" صفحة رقم ١٨٢ "
و ) المقنطرة ( أريد بها هنا المضاعفة المتكاثرة، لأنّ اشتقاق الوصف من اسم الشيء الموصوففِ، إذا اشتهر صاحب الاسم بصفةِ، يؤذن ذلك الاشتقاقُ بمبالغة في الحاصل به كقولهم : لَيْلٌ ألْيَلُ، وظِلٌ ظَلِيلٌ، وداهِيَةٌ دَهْيَاء، وشِعْرٌ شَاعِر، وإبِل مُؤَبَّلَة، وآلاف مُؤَلَّفَة.
) والخيل ( محبوبة مرغوبة، في العصور الماضية وفيما بعدها، لم يُنسها ما تفنّن فيه البشر من صنوف المراكب برّاً وبحراً وجوّاً، فالأمم المتحضّرة اليوم مع ما لديم من القطارات التي تجري بالبخار وبالكهرباء على السكك الحديدية، ومن سَفائن البحر العظيمة التي تسيّرها آلات البخار، ومن السيّارات الصغيرة المسيّرة باللوالب تحرّكها حرارة النفظ المصفَّى، ومن الطيّارات في الهواء ممّا لم يبلغ إليه البشر في عصر مضى، كلّ ذلك لم يغن الناس عن ركوب ظهور الخيل، وجرّ العربات بمطهّمات الأفراس، والعناية بالمسابقة بين الأفراس.
وذكر الخيل لتواطؤ نفوس أهل البَذخ على محبّة ركوبها، قال امرؤ القيس :
كأنِّيَ لَمْ أركَبْ جَوادَا لِلَذّةٍ
و ) المسوّمة ( الأظهر فيه ما قيل : إنّه الراعية، فو مشتق من السَّوْم وهو الرعْي، يقال : أسام الماشية إذا رعَى بها في المرعى، فتكون مادة فعَّل للتكثير أي التي تترك في المراعي مدداً طويلة وإنّما يكون ذلك لسعة أصحابها وكثرة مراعيهم، فتكون خيلهم مكرمة في المروج والرياض وفي الحديث في ذكر الخيل ( فأطال لَها في مَرْج أو روضة ).
وقيل : المسوّمة من السُّومَة بضم السين وهي السِّمة أي العلامة من صوف أو نحوه، وإنّما يجعلون لها ذلك تنويهاً بكرمها وحسن بلائها في الحرب، قال العَتَّابي :
ولَوْلاَهُنّ قد سَوّمْتُ مُهري
وفي الرحمن للضعفاء كاف
يريد جعلت له سُومة أفراسسِ الجهاد أي علامتَها وقد تقدم اشتقاق السمة والسومة عند قوله تعالى :( تعرفهم بسيماهم في سورة البقرة ( ٢٧٣ ).
و الأنعام ( زينة لأهل الوبر قال تعالى :( ولكم فيها جَمال حين تريحون وحين تسرحون ( ( النحل : ٦ ). وفيها منافع عظيمة أشار إليها قوله تعالى :( والأنعامَ خلقها لكم فيها دفء


الصفحة التالية
Icon