" صفحة رقم ٢٢٩ "
وهو ترهيب ثم بذكر مقابله في الترغيب بقوله :( قل أؤنبّئكم بخير من ذلكم ( ( آل عمران : ١٥ ) الآية ثم بتأييد ما عليه المسلمون بقوله :( شهد اللَّه أنه لا إله إلا هو ( ( آل عمران : ١٨ ) الآية وفي ذلك تفصيل كثير. ثم جاء بطريق المجادلة بقوله :( فإن حاجّوك ( ( آل عمران : ٢٠ ) الآية ثم بترهيب بغير استدلال صريح ولكن بالإيماء إلى الدليل وذلك قوله :( إن الذين يكفرون بآيات اللَّه ويقتلون النبيين بغير حق ( ( آل عمران : ٢١ ) ثم بطريق التهديد والإنذار التعريضي بقوله :( قل اللهم مالك الملك ( ( آل عمران : ٢٦ ) الآيات. ثم أمر بالقطيعة في قوله :( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ( ( آل عمران : ٢٨ ). وختم بذكر عدم محبة الكافرين ردّاً للعجز على الصدر المتقدم في قوله :( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ( ( آل عمران : ١٠ ) الآية ليكون نفي المحبة عن جميع الكافرين، نفياً عن هؤلاء الكافرين المعيَّنين.
٣٣، ٣٤ ) ) إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ).
انتقال من تمهيدات سبب السورة إلى واسطة بين التمهيد والمقصد، كطريقة التخلّص، فهذا تخلّص لمحاجّة وفد نَجْرَانَ وقد ذكرناه في أول السورة، فابتُدىء هنا بذكر آدم ونوح وهما أبَوا البشر أو أحدُهما وذكر إبراهيم وهو أبو المقصودين بالتفضيل وبالخطاب. فأما آدم فهو أبو البشر باتفاق الأمم كلها إلاّ شذوذاً من أصحاب النزعات الإلحادية الذين ظهروا في أوروبا واخترعوا نظرية تسلسل أنواع الحيوان بعضها من بعض وهي نظرية فائلة.
وآدم اسم أبي البشر عند جميع أهل الأديان، وهو علَم عليه وضعه لنفسه بإلهام من الله تعالى كما وضع مبدأ اللغة، ولا شك أنّ من أول ما يحتاج إليه هو وزوجه أن يعبِّر أحدهما للآخر، وظاهر القرآن أنّ الله أسماه بهذا الاسم من قبل خروجه من جنة عدن ولا يجوز أن يكون اسمه مشتقاً من الأدمة، وهي اللون المخصوص لأنّ تسمية ذلك اللون بالأدمة خاص بكلام العرب فلعلّ العرب وضعوا اسم ذلك اللون أخذاً من وصف لَون آدم أبي البشر.


الصفحة التالية
Icon