" صفحة رقم ٢٣٢ "
٣٥، ٣٦ ) ) إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَآ أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالاُْنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ).
تقدم القول في موقع إذ في أمثال هذا المقام عند تفسير قوله تعالى :( وإذ قال ربك للملائكة إليّ جاعل في الأرض خليفة ( ( البقرة : ٣٠ ). وموقعها هنا أظهر في أنها غير متعلقة بعامل، فهي لمجرد الاهتمام بالخبر ولذا قال أبو عبيدة : إذ هنا زائدة، ويجوز أن تتعلق باذكر محذوفاً، ولا يجوز تعلقها باصطفى : لأنّ هذا خاص بفضل آل عمران، ولا علاقة له بفضل آدم ونوح وآل إبراهيم.
وامرأة عمران هي حَنَّة بنت فاقوذا. قيل : مات زوجها وتركها حبلى فنذرت حَبَلَها ذلك محرّراً أي مخلَّصاً لخدمة بيت المقدس، وكانوا ينذرون ذلك إذا كان المولود ذكراً. وإطلاق المحرّر على هذا المعنى إطلاق تشريف لأنّه لما خلص لخدمة بيت المقدس فكأنّه حُرر من أسر الدنيا وقيودها إلى حرية عبادة الله تعالى. قيل : إنّها كانت تظنّه ذكراً فصدر منها النذر مطلقاً عن وصف الذكورة وإنّما كانوا يقولون : إذا جاء ذكراً فهو محرّر. وأنّث الضمير في قوله :( فلما وضعتها ( وهو عائد إلى ) ما في بطني ( باعتبار كونه انكشف ما صْدَقه على أنثى.
وقولها :( إني وضعتها أُنثى ( خبر مستعمل في إنشاء التحذير لظهور كون المخاطب عليماً بكل شيء.
وتأكيد الخبر بإنّ مراعاةٌ لأصل الخبرية، تحقيقاً لكون المولود أنثى ؛ إذ هو بوقوعه على خلاف المترقّب لها كان بحيث تشك في كونه أنثى وتخاطب نفسها بنفسها بطريق التأكيد، فلذا أكّدته. ثم لما استعملت هذا الخبر في الإنشاء استعملته برمّته على طريقة المجاز المركّب المُرسَل، ومعلوم أنّ المركب يَكون مجازاً بمجموعه لا


الصفحة التالية
Icon