" صفحة رقم ٢٤٥ "
وقوله :( وما كنت لديهم ( إيماء إلى خلوّ كتبهم عن بعض ذلك، وإلاّ لقال : وما كنت تتلو كُتبهم مثل :( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ) أي إنّك تخبرهم عن أحوالهم كأنّك كنت لديهم.
وقوله :( إذ يلقون أقلامهم ( وهي الأقلام التي يكتبون بها التوراة كانوا يقترعون بها في المشكلات : بأن يكتبوا عليها أسماء المقترعين أو أسماء الأشياء المقترع عليها، والناس يصيرون إلى القرعة عند انعدام ما يرجّح الحق، فكان أهل الجاهلية يستقسمون بالأزلام وجعل اليهود الاقتراع بالأقلام التي يكتبون بها التوراة في المِدراس رجاء أن تكون بركتها مرشدة إلى ما هو الخيْر. وليس هذا من شعار الإسلام وليس لإعمال القرعة في الإسلام إلاّ مواضع تمييز الحقوق المتساوية من كل الجهات وتفصيله في الفقه. وأشارت الآية إلى أنّهم تنازعوا في كفالة مريم حين ولدتها أمها حنّة، إذ كانت يتيمة كما تقدم فحصل من هذا الامتنان إعلام بأنّ كفالة زكرياء مريم كانت بعد الاستقسام وفيه تنبيه على تنافسهم في كفالتها.
٤٥، ٤٦ ) ) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ).
بدل اشتمال من جملة ) وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ( ( آل عمران : ٤٢ ) قصد منه التكرير لتكميل المقُول بعد الجمل المعترضة. ولكونه بدلاً لم يعطف على إذْ قالت الأوللِ. وتقدّم الكلام على يُبشرك.
والكلمة مراد بها كلمة التكوين وهي تعلق القدرة التنجيزي كما في حديث خلق الإنسان من قوله :( ويؤمر بأرْبَع كَلِمَات بكتب رزقه وأجله ) إلخ.
ووصف عيسى بكلمة مراد به كلمة خاصة مخالفة للمعتاد في تكوين الجنين أي بدون الأسباب المعتادة.


الصفحة التالية
Icon