" صفحة رقم ٢٥٢ "
وإحياء الموتى معجزة للمسيح أيضاً، كنفخ الروح في الطير المصوّر من الطين، فكان إذا أحيا ميتاً كلّمةُ ثم رجع ميّتاً، وورد في الأناجيل أنّه أحيا بنتاً كانت ماتت فأحياها عقب موتها. ووقع في إنجيل متَّى في الإصحاح ١٧ أنّ عيسى صعد الجبل ومعه بطرس ويعقوب ويوحنا أخوه وأظهر لهم موسى وإيلياء يتكلمان معهم، وكلّ ذلك بإذن الله له أن يفعل ذلك.
ومعنى قوله :( وأنبئكم بما تأكلون وما تدخون في بيوتكم ( أنّه يخبرهم عن أحوالهم التي لا يطّلع عليها أحد فيخبرهم بما أكلوه في بيوتهم، وما عندهم مدّخر فيها، لتكون هاته المتعاطفات كلّها من قبيل المعجزات بقرينة قوله أنبّئكم لأنّ الإنباء يكون في الأمور الخفيةِ.
وقوله :( إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ( جعل هذه الأشياء كلّها آيات تدعو إلى الإيمان به، أي إن كنتم تريدون الإيمان، بخلاف ما إذا كان دأبكم المكابرة. والخطاب موجّه منه إلى بني إسرائيل فإنهم بادروا دعوته بالتكذيب والشتم.
وتعرُّض القرآن لذكر هذه المعجزات تعريض بالنصارى الذين جعلوا منها دليلاً على ألوهية عيسى، بعلة أنّ هذه الأعمال لا تدخل تحت مقدرة البشر، فمن قدر عليها فهو الإله، وهذا دليل سفسطائي أشار الله إلى كشفه بقوله :( بآية من ربكم ( وقوله :( بإذن الله ( مرتين. وقد روى أهل السِّير أنّ نصارى نجران استدلوا بهذه الأعمال لدى النبي ( ﷺ )
٥٠، ٥١ ) ) لله وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلاُِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ).
عطف على بآية بناء على أنّ قوله : بآية ظرف مستقرّ في موضع الحال كما تقدم أو عطف على جملة جئتكم وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلاُِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( فيقدّر فعل جئتكم بعد واو العطف، ) ومصدّقاً ( حال من ضمير المقدّر معه، وليس عطفاً على قوله :( ورسولا ( ( آل عمران : ٤٩ ) لأنّ رسولاً من كلام الملائكة، ) ومصدقاً ( من كلام عيسى بدليل قوله :( لما بين يدي ).


الصفحة التالية
Icon