" صفحة رقم ٢٧٠ "
٦٥، ٦٦ ) ) ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِى
إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإْنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ هاأَنتُمْ هَاؤُلا
ءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ).
استئناف ابتدائي للانتقال من دعائهم لكلمة الحق الجامعة لحق الدين، إلى الإنكار عليهم محاجتهم الباطلة للمسلمين في دين إبراهيم، وزعم كلّ فريق منهم أنهم على دينه توصّلاً إلى أنّ الذي خالف دينهم لا يكون على دين إبراهيم كما يدّعي النبي محمد ( ﷺ ) فالمحاجة فرع عن المخالفة في الدعوى. وهذه المحاجة على طريق قياس المساواة في النفي، أو في محاجتهم النبي في دعواه أنه على دين إبراهيم، محاجة يقصدون منها إبطال مساواة دينِه لدين إبراهيم، بطريقة قياس المساواة في النفي أيضاً.
فيجوز أن تكون هذه الجملة من مقول القول المأمور به الرسولُ في قوله تعالى :( قل يا أهل الكتاب تعالوا ( أي قل لهم : يا أهل الكتاب لِمَ تحاجون. ويجوز أن يكون الاستئناف من كلام الله تعالى عَقِبَ أمرِه الرسولَ بأن يقول ) تعالَوا ( فيكون توجيه خطاب إلى أهل الكتاب مباشرة، ويكون جعل الجملة الأولى من مقول الرسول دون هذه لأنّ الأولى من شُؤون الدعوة، وهذه من طرق المجاحّة، وإبطال قولهم، وذلك في الدرجة الثانِيَة مِن الدعوة. والكلُ في النسبة إلى الله سواء.
ومناسبة الانتقال من الكلام السابق إلى هذا الكلام نشأت من قوله :( فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون ( ( آل عمران : ٦٤ ) لأنه قد شاع فيما نزل من القرآن في مكة، وبعدَها أنّ الإسلام الذي جاء به محمد ( ﷺ ) يرجع إلى الحنيفية دين إبراهيم كما تقدم تقريره في سورة البقرة وكما في سورة النحل ( ) :( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وسيجيء أنّ إبراهيم كان حنيفاً مسلماً، وقد اشتهر هذا وأعلن بين المشركين في مكة، وبني اليهود في المدينة، وبين النصارى في وَفد نجران، وقد علم أنّ المشركين بمكة كانوا يدّعون أنهم ورثة شريعة إبراهيم وسدنة بيته، وكان أهل الكتاب قد ادّعوا أنهم


الصفحة التالية
Icon