" صفحة رقم ٢٧٥ "
الله :( وللَّه على الناس حجّ البيت ( ( آل عمران : ٩٧ ) الآية فحجّ المسلمون وقَعد الكفار ). ثمّ تمم الله ذلك بقوله : وما كان من المشركين، فأبطلت دعاوى الفرق الثلاث.
والحنيف تقدم عند قوله تعالى :( قل بل ملّة إبراهيم حنيفاً في سورة البقرة ( ١٣٥ ).
وقولُه : ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ( أفاد الاستدراكُ بعد نفي الضدّ حصرَا لحال إبراهيم فيما يوافق أصول الإسلام، ولذلك بُيِّن حنيفاً بقوله :( مسلماً ( لأنهم يعرفون معنى الحنيفية ولا يؤمنون بالإسلام، فأعلمهم أنّ الإسلام هو الحنيفية، وقال :( وما كان من المشركين ( فنفى عن إبراهيم موافقة اليهودية، . وموافقة النصرانية، وموافقة المشركين، وإنه كان مسلماً، فثبتت موافقته الإسلام، وقد تقدم في سورة البقرة ( ١٣٥ ) في مواضع أنّ إبراهيم سأل أن يكون مسلماً، وأنّ الله أمره أن يكون مسلماً، وأنه كان حنيفاً، وأنّ الإسلام الذي جاء به محمد رسول الله ( ﷺ ) هو الذي كان جاء به إبراهيم ) وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ( وكلّ ذلك لا يُبقي شكاً في أنّ الإسلام هو إسلام إبراهيم.
وَقد بينتُ آنفاً عند قوله تعالى :( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ( ( آل عمران : ٢٠ ) الأصولَ الداخلة تحت معنى ) أسلمتُ وجهي لله ( فلنفرضها في معنى قول إبراهيم :( إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ( ( الأنعام : ٧٩ ) فقد جاء إبراهيم بالتوحيد، وأعلنه إعلاناً لم يَترك للشرك مسلكاً إلى نفوس الغافلين، وأقام هيكلاً وهو الكعبة، أول بيت وضع للناس، وفرض حَجّه على الناس : ارتباطاً بمغزاه، وأعلَن تمام العبودية لله تعالى بقوله :( ولا أخاف مَا تشركون به إلاّ أن يشاء ربّي شيئاً ( ( الأنعام : ٨٠ ) وأخلص القول والعمل لله تعالى فقال :( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم يُنزِّل به عليكم سلطاناً ( ( الأنعام : ٨١ ) وتَطَلّب الهُدى بقوله :( ربنا واجعلنا مسلمَيْننِ لك ( ( البقرة : ١٢٨ ) ) وأرنا مناسكنا وتُب علينا ( ( البقرة : ١٢٨ ) وكسر الأصنام بيده ) فجعلهم جذاذاً ( ( الأنبياء : ٥٨ )، وأظهر الانقطاع لله بقوله :( الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين ( ( الشعراء : ٧٨ ٨١ )، وتصَدّى للاحتجاج على الوحدانية وصفات الله ) قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب ( ( البقرة : ٢٥٨ ) ) وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه ( ( الأنعام : ٨٣ ) ) وحاجهُ قومه ( ( الأنعام : ٨٠ ).


الصفحة التالية
Icon