" صفحة رقم ٢٧٩ "
وقوله : لو يضلونكم ( أي ودّوا إضلالكم وهو يحتمل أنهم ودّوا أن يجعلوهم على غير هدى في نظر أهل الكتاب : أي يذبذبوهم، ويحتمل أنّ المراد الإضلال في نفس الأمر، وإن كان وُدُّ أهل الكتاب أن يهوّدوهم. وعلى الوجهين يحتمل قوله تعالى :( وما يضلون إلا أنفسهم ( أن يكون معناه : إنهم إذا أضلوا الناس فقد صاروا هم أيضاً ضالين ؛ لأنّ الإضلال ضلال، وأن يكون معناه : إنهم كانوا من قبل ضالين برضاهم بالبقاء على دين منسوخ وقوله :( وما يشعرون ( يناسب الاحتمالين لأنّ العلم بالحالتين دقيق.
٧٠، ٧١ ) ) لله ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِأَيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ).
التفات إلى خطاب اليهود. والاستفهامُ إنكاري. والآيات : المعجزات، ولذلك قال وأنتم تشهدون. وإعادة ندائهم بقوله :( يا أهل الكتاب ( ثانيةً لقصد التوبيخ وتسجيل باطلهم عليهم. ولبس الحق بالباطل تلبيس دينهم بما أدخلوا فيه من الأكاذيب والخرافات والتأويلات الباطلة، حتى ارتفعت الثقة بجميعه. وكتمان الحق يحتمل أن يراد به كتمانهم تصديق محمد ( ﷺ ) ويحتمل أن يراد به كتمانهم ما في التوراة من الأحكام التي أماتوها وعوّضوها بأعمال أحبارهم وآثار تأويلاتهم، وهم يعلمونها ولا يعملون بها.
٧٢ ٧٤ ) ) وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ءَامِنُواْ بِالَّذِي
أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُو
اْ ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَلاَ تُؤْمِنُو
اْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى
ا أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ).
).
عطف على ودت طائفة وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ءَامِنُواْ بِالَّذِي
أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُو
اْ ءَاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَلاَ ( ( آل عمران : ٦٩ ). فالطائفة الأولى حاوَلت الإضلال بالمجاهرة، وهذه الطائفة حاولتْه بالمخادعة : قيل أشير إلى طائفة من اليهود منهم كَعْب بن الأشْرَف،


الصفحة التالية
Icon