" صفحة رقم ٢٨٢ "
الوجه الثاني : أنهم أرادوا إنكار أن يوتَى أحد النبوءة كما أوتيها أنبياءُ بني إسرائيل فيكون الكلام استفهاماً إنكارياً حذفت منه أداة الاستفهام لدلالة السياق ؛ ويؤيده قراءةُ ابن كثير قوله :( أن يؤتى أحد ( بهمزتين.
وأما قوله : أو يحَاجوكم عندَ ربكم فحَرْف ( أو ) فيه للتقسيم مثل ) ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً ( ( الإنسان : ٢٤ ) ( أو ) معطوف على النفي، أو على الاستفهام الإنكاري : على اختلاف التقديرين، والمعنى : ولا يحاجوكم عند ربكم أو وكيف يحاجونكم عند ربكم، أي لا حجة لهم عليكم عند الله.
وواو الجمع في ) يحاجوكم ( ضمير عائد إلى ( أحد ) لدلالته على العموم في سياق النفي أو الإنكار.
وفائدة الاعتراض في أثناء كلامهم المبادرة بما يفيد ضلالهم لأنّ الله حرمهم التوفيق.
الاحتمال الثاني أن تكون الجملة مما أمر النبي ( ﷺ ) بأن يقوله لهم بقيةً لقوله :( إنّ الهُدى هُدى الله ).
والكلام على هذا ردّ على قولهم :( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ( وقولهم ) ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ( على طريقة اللفّ والنشر المعكوس، فقوله :( أن يأتى أحد مثل ما أوتيتم ( إبطال لقولهم :( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ( أي قلتم ذلك حسَداً من أنْ يؤتي أحدٌ مثلَ ما أوتيتم وقوله :( أو يحاجوكم ( ردّ لقولهم :( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ( على طريقة التهكم، أي مرادكم التنصّل من أن يحاجوكم أي الذين آمنوا عند الله يوم القيامة، فجمعتم بين الإيمان بما آمن به المسلمون، حتى إذا كان لهم الفوز يوم القيامة لا يحاجونكم عند الله بأنكم كافرون، وإذا كان الفوز لكم كنتم قد أخذتم بالحَزم إذ لم تبطلوا دين اليهودية، وعلى هذا فواو الجماعة في قوله :( أو يحاجوكم ( عائد إلى الذين آمنوا. وهذا الاحتمال أنسب نظماً بقوله تعالى :( قل إن الفضل بيد اللَّه (، ليكون لِكلّ كلام حُكي عنهم تلقينُ جواببٍ عنه : فجواب قولهم :( آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا ( الآية، قولُه :( قل إن الهدى هدى الله ). وجواب قولهم :( ولا تؤمنوا ( إلخ قولُه : قل إنّ الفضل


الصفحة التالية
Icon