" صفحة رقم ١١٥ "
في نفسه مخافة أن يكون قصَّر في شيء من واجب التبليغ.
وضمير ) إنها ( عائد إلى الدعوة التي تضمنها قوله :( فأنت له تصدى ( ( عبس : ٦ ).
ويجوز أن يَكون المعنى : أن هذه الموعظة تذكرة لك وتنبيه لما غفلت عنه وليست ملاماً وإنما يعاتب الحبيبُ حبيبَه.
ويجوز عندي أن يكون ) كلا إنها تذكرة ( استئنافاً ابتدائياً موجهاً إلى من كان النبي ( ﷺ ) يدعوه قُبيل نزول السورة فإنه كان يَعرض القرآن على الوليد بن المغيرة ومَن معه، وكانوا لا يستجيبون إلى ما دعاهم ولا يصدقون بالبعث، فتكون ( كلاّ ) إبطالاً لما نَعتوا به القرآن من أنه أساطير الأولين أو نحوِ ذلك.
فيكون ضمير ) إنها تذكرة ( عائداً إلى الآيات التي قرأها النبي ( ﷺ ) عليهم في ذلك المجلس ثم أعيد عليها الضمير بالتذكير للتنبيه على أن المراد آيات القرآن.
ويؤيد هذا الوجهَ قولُه تعالى عَقبه :( قتل الإنسان ما أكفره ( ( عبس : ١٧ ) الآيات حيث ساق لهم أدلة إثبات البعث.
فكان تأنيث الضمير نكتةً خصوصية لتحميل الكلام هذه المعاني.
والضمير الظاهر في قوله :( ذكره ( يجوز أن يعود إلى ) تذكرة ( لأن مَا صَدْقَها القرآن الذي كان النبي ( ﷺ ) يعرضه على صناديد قريش قُبيل نزول هذه السورة، أي فمن شاء ذكرَ القرآن وعمل به.
ويجوز أن يكون الضمير عائداً إلى الله تعالى فإن إعادة ضمير الغيبة على الله تعالى دون ذِكر معاده في الكلام كثير في القرآن لأن شؤونه تعالى وأحكامه نزل القرآن لأجلها فهو ملحوظ لكل سامع للقرآن، أي فمن شاء ذكر الله وتوخّى مرضاته.
والذِكر على كلا الوجهين : الذكر بالقلب، وهو توخّي الوقوف عند الأمر والنهي. وتعدية فعل ( ذكر ) إلى ذلك الضمير على الوجهين على حذف مضاف يناسب المقام.


الصفحة التالية
Icon