" صفحة رقم ١٦٠ "
وجُعلت تلك الصفة علامة على أن المرئي ملَك وليس بخيال لأن الأخيلة التي يتخيلها المجانين إنما يتخيلونها على الأرض تابعةً لهم على ما تعودوه من وقت الصحة، وقد وَصَف النبي ( ﷺ ) المَلَك الذي رآه عند نزول سورة المدثر بأنه على كُرسي جالس بين السماء والأرض، ولهذا تكرر ذكر ظهور المَلَك بالأفق في سورة النجم ( ٥ ٩ ) في قوله تعالى :( علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى إلى أن قال : أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ( ( النجم : ١٢ ١٥ ) الآيات، قيل : رأى النبي جبريل عليهما السلام بمكة من جهة جبل أجياد من شرقيّه.
الضمير عائد إلى ) صاحبكم ( ( التكوير : ٢٢ ) كما يقتضيه السياق فإن المشركين لم يدّعوا أن جبريل ضنين على الغيب، وإنما ادعوا ذلك للنبيء ( ﷺ ) ظلماً وزوراً، ولقرب المعاد.
و ) الغيب ( : ما غاب عن عِيان الناس، أو عن علمهم وهو تسمية بالمصدر. والمراد ما استأثر الله بعلمه إلا أن يُطلع عليه بعض أنبيائه، ومنه وحي الشرائع، والعلم بصفات الله تعالى وشؤونه، ومشاهدة مَلك الوحي، وتقدم في قوله تعالى :( الذين يؤمنون بالغيب في سورة البقرة.
وكتبت كلمة بضنين ( في مصاحف الأمصار بضاد ساقطة كما اتفق عليه القراء.
وحكي عن أبي عبيدٍ، قال الطبري : هو ما عليه مصاحف المسلمين متفقة وإن اختلفت قراءتهم به.
وفي ( الكشاف ) :( هو في مصحف أُبي بالضاد وفي مصحف ابن مسعود بالظاء ) وقد اقتصر الشاطبي في منظومته في الرسم على رسمه بالضاد إذ قال :
والضَادُ في ) بضنين ( تَجمع البشرا
وقد اختلف القراء في قراءته فقرأه نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر


الصفحة التالية
Icon