" صفحة رقم ١٧٧ "
تحقيقه أنه معنى كنائي كثر استعماله في كلامهم، وإنما هي الاستفهامية، و ) أيّ ( هذه تقع في المعنى وصفاً لنكرة إمّا نعتاً نحو : هو رجل أيُّ رجل، وإما مضافة إلى نكرة كما في هذه الآية، فيجوز أن يتعلق قوله :( في أي صورة ( بأفعال خلقَك، فسوَّاك، فعدَّلك ) فيكون الوقف على ) في أي صورة ).
ويجوز أن يتعلق بقوله ) ركبك ( فيكون الوقف على قوله ) فعدلك ( ويكون قوله ) ما شاء ( معترضاً بين ) في أي صورة ( وبين ) ركَبَّك ).
والمعنى على الوجهين : في صورة أيّ صورة، أي في صورة كاملة بديعة.
وجملة ) ما شاء ركبك ( بيان لجملة ) عدَّلك ( باعتبار كون جملة ) عدّلك ( مفرعة عن جملة ) فسوَّاك ( المفرغة عن جملة ) خلقك ( فبيانها بيان لهما.
و ) في ( للظرفية المجازية التي هي بمعنى الملابسة، أي خلقك فسوّاك فعدلك ملابساً صورة عجيبة فمحل ) في أي صورة ( محل الحال من كاف الخطاب وعامل الحال ) عدّلك (، أو ) ركّبك (، فجعلت الصورة العجيبة كالظرف للمصوّر بها للدلالة على تمكنها من موصوفها.
و ) ما ( يجوز أن تكون موصولة مَا صدقُها تركيب، وهي في موضع نصب على المفعولية المطلقة و ) شاء ( صلة ) ما ( والعائد محذوف تقديره : شاءه. والمعنى : ركّبك التركيب الذي شاءه قال تعالى :( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ( ( آل عمران : ٦ ).
وعُدل عن التصريح بمصدر ) ركّبك ( إلى إبهامه ب ) ما ( الموصولة للدلالة على تقحيم الموصول بما في صلته من المشيئة المسندة إلى ضمير الرب الخالق المبدع الحكيم وناهيك بها.
ويجوز أن تكون جملة ) شاء ( صفة ل ) صورة (، والرابط محذوف و ) ما ( مزيدة للتأكيد، والتقدير : في صورة عظيمة شاءها مشيئةً معينة، أي عن تدبير وتقدير.