" صفحة رقم ١٩١ "
يستعمل حاجة من يأتيه بالسلعة، وعن الفراء ( مِن ) و ( على ) يتعاقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه فإذا قال : اكتلت عليك، فكأنه قال : أخذت ما عليك، وإذا قال : اكتلت منك فكقوله : استوفيت منك.
فمعنى :( اكتالوا على الناس ( اشتروا من الناس ما يباع بالكيل، فحذف المفعول لأنه معلوم في فعل ) اكتالوا ( أي اكتالوا مكيلاً، ومعنى كَالُوهم باعوا للناس مكيلاً فحذف المفعول لأنه معلوم.
فالواوان من ) كالوهم أو وزنوهم ( عائدان إلى اسم الموصول والضميران المنفصلان عائدان إلى الناس.
وتعدية ( كالوا )، و ( وزنوا ) إلى الضميرين على حذف لام الجر. وأصله كَالُوا لهم ووزنوا لهم، كما حذفت اللام في قوله تعالى في سورة البقرة ) وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم أي تسترضعوا لأولادكم، وقولهم في المثل الحريصُ يصيدك لا الجوادُ أي الحريص يصيد لك. وهو حذف كثير مثل قولهم : نصحتك وشكرتك، أصلهما نصحت لك وشكرت لك، لأن فعل كال وفعل وزن لا يتعديان بأنفسهما إلا إلى الشيء المكيل أو الموزون يقال : كال له طعاماً ووزن له فضة، ولكثرة دورانه على اللسان خففوه فقالوا : كاله ووزنه طعاماً على الحذف والإِيصال.
قال الفراء : هو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس يقولون : يكيلنا، يعني ويقولون أيضاً : كالَ له ووزن له. وهو يريد أن غير أهل الحجاز وقيس لا يقولون : كال له ووزن له، ولا يقولون إلاّ : كاله ووزنه، فيكون فعل كال عندهم مثل باع.
والاقتصار على قوله : إذا اكتالوا ( دون أن يقول : وإذا اتَّزنوا كما قال :( وإذا كالوهم أو وزنوهم ( اكتفاء بذكر الوزن في الثاني تجنباً لفعل :( اتزنوا ) لقلة دورانه في الكلام فكان فيه شيء من الثقل. ولنكتة أخرى وهي أن المطففين هم أهل التجر وهم يأخذون السلع من الجالبين في الغالب بالكيل لأن الجالبين يجلبون التمر والحنطة ونحوهما مما يكال ويدفعون لهم الأثمان عيناً بما يوزن من ذهب أو فضة مسكوكين أو غيرَ مسكوكين، فلذلك اقتُصر في ابتياعهم من الجالبين على


الصفحة التالية
Icon