" صفحة رقم ١٩٥ "
الأعمال، ويحتمل أن يكون كناية عن إحصاء أعمالهم وتوقيفهم عليها، وكذلك يَجري على الوجهين قولُه :( كتاب مرقوم ( وتقدمت نظائره غير مرة.
و ) سجين ( حروف مادته من حروف العربية، وصيغته من الصيغ العربية، فهو لفظ عربي، ومن زعم أنه معرّب فقد أغرب. روي عن الأصمعي : أن العرب استعملوا سجين عوضاً عن سلْتِين، وسلتين كلمة غير عربية.
ونون ) سجين ( أصلية وليست مبدلة عن اللام، وقد اختلف في معناه على أقوال أشهرها وأولاها أنه عَلَم لواد في جهنم، صيغ بزنة فِعِّيل من مادة السجن للمبالغة مثل : الملك الضِّليل، ورجل سِكّير، وطعام حِرّيف ( شديد الحرافة وهي لذع اللسان ) سمي ذلك المكان سجيناً لأنه أشدّ الحَبْس لمن فيه فلا يفارقه وهذا الاسم من مصطلحات القرآن لا يعرف في كلام العرب من قبل ولكن مادته وصيغته موضوعتان في العربية وضعاً نوعياً. وقد سمع العرب هذا الاسم ولم يطعنوا في عربيته.
ومحمل قوله :( لفي سجين ( إن كان على ظاهر الظرفية كان المعنى أن كتب أعمال الفجار مودعة في مكان اسمه ) سجين ( أو وصفه ) سجين ( وذلك يؤذن بتحقيره، أي تحقير ما احتوى عليه من أعمالهم المكتوبة فيه، وعلى هذا حمله كثير من المتقدمين، وروى الطبري بسنده حديثاً مرفوعاً يؤيد ذلك لكنه حديث منكر لاشتمال سنده على مجاهيل.
وإن حُملت الظرفيةُ في قوله :( لفي سجين ( على غير ظاهرها، فجَعْل كتاب الفجّار مظروفاً في ) سجين ( مجاز عن جعل الأعمال المحصاة فيه في سجّين، وذلك كناية رمزية عن كون الفجار في سجّين.
وجملة ) وما أدراك ما سجين ( معترضة بين جملة :( إن كتاب الفجار لفي سجين ( وجملة ) كتاب مرقوم ( وهو تهويل لأمر السجّين تهويل تفظيع لحال الواقعين فيه وتقدم ) ما أدراك في سورة الانفطار.
وقوله : كتاب مرقوم ( خبر عن ضمير محذوف يعود إلى ) كتاب الفجار ( والتقدير هو أي كتاب الفجار كتاب مرقوم، وهذا من حذف المسند إليه الذي