" صفحة رقم ٢٠١ "
الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم، قال الشاعر الذي لم يسمّ وهو من شواهد ( الكشاف ) :
إذا اعتروا باب ذي عُبِّيَّه رجِبوا
والناسُ من بين مَرجوب ومَحْجوب
وكلا المعنيين مراد هنا لأن المكذبين بيوم الدين لا يرون الله يوم القيامة حين يراه أهل الإيمان.
ويوضح هذا المعنى قوله في حكاية أحوال الأبرار :( على الأرائك ينظرون ( ( المطففين : ٢٣ ) وكذلك أيضاً لا يدخلون حضرة القدس قال تعالى :( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ( ( الأعراف : ٤٠ )، وليكون الكلام مفيداً للمعنيين قيل :( عن ربهم لمحجوبون ) دون أن يقال : عن رؤية ربهم، أو عن وجه ربهم كما قال في آية آل عمران :( ولا ينظر إليهم يوم القيامة.
وأما العذاب فهو ما في قوله : ثم إنهم لصالوا الجحيم ).
وقد عطفت جملته بحرف ) ثم ( الدالة في عطفها الجُملَ على التراخي الرتبي وهو ارتقاء في الوعيد لأنه وعيد بأنهم من أهل النار وذلك أشد من خزي الإهانة.
و ( صالوا ) جمع صال وهو الذي مسه حر النار، وتقدم في آخر سورة الانفطار. والمعنى : أنهم سيصلون عذاب جهنم.
وأما التقريع مع التأييس من التخفيف فهو مضمون جملة :( ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ( فعطف الجملة بحرف ) ثم ( اقتضى تراخي مضمون الجملة على مضمون التي قبلها، أي بُعد درجته في الغرض المسوق له الكلام.
واقتضى اسم الإِشارة أنهم صاروا إلى العذاب، والإِخبار عن العذاب بأنه الذي كانوا به يكذبون يفيد أنه العذاب الذي تكرر وعيدهم به وهم يكذّبونه، وذلك هو الخلود وهو درجة أشد في الوعيد، وبذلك كان مضمون الجملة أرقى رتبة في الغرض من مضمون الجملة المعطوفة هي عليها.
أو يكون قوله :( ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ( إشارة إلى جواب مالك


الصفحة التالية
Icon