" صفحة رقم ٢١٦ "
والاستفهام من قبيل الطلب فهو من أنواع الخطاب.
والخطاب بهذا الاستفهام موجه إلى غير معيّن بل إلى كل من يسمع ذلك النداء يوم القيامة. وهذا من مقول القول المحذوف.
و ) ثُوِّب ( أعطِيَ الثوابَ، يقال : ثَوَّبَهُ كما يقال : أثابه، إذا أعطاه ثواباً.
والثواب : هو ما يجازى به من الخير على فعل محمود وهو حقيقته كما في ( الصحاح )، وهو ظاهر ( الأساس ) ولذلك فاستعماله في جزاء الشر هنا استعارة تهكمية. وهذا هو التحقيق وهو الذي صرح به الراغب في آخر كلامه إذ قال : إنه يستعمل في جزاء الخير والشر. أراد أنه يستعار لجزاء الشر بكثرة فلا بد من علاقة وقرينة وهي هنا قوله :( الكفار ( ما كانوا يفعلون كقول عمرو بن كلثوم :
نزلتم منزل الأضياف منا
فعجَّلنا القِرى أن تَشْتُمونا
قَرَيْناكم فعَجَّلْنا قِراكم
قُبيل الصُّبح مِرْداة طحونا
ومن قبيل قوله تعالى :( فبشرهم بعذاب أليم ( ( الانشقاق : ٢٤ ).
و ) ما كانوا يفعلون ( موصول وهو مفعول ثان لفعل ) ثوب ( إذ هو من باب أعطى. وليس الجزاء هو ما كانوا يفعلونه بل عبر عنه بهذه الصلة لمعادلته شدَّةَ جرمهم على طريقة التشبيه البليغ، أو على حذف مضاف تقديره : مثلَ، ويجوز أن يكون على نزع الخافض وهو باء السببية، أي بما كانوا يفعلون.
وفي هذه الجملة محسن براعة المقطع لأنها جامع لما اشتملت عليه السورة.