" صفحة رقم ٢٢١ "
الجواب. ورده ابن الأنباري بأن العرب لا تقحم الواو إلا إذا كانت ) إذا ( بعد ( حتى ) كقوله تعالى :( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ( ( الزمر : ٧٣ ) أو بعد ( لما ) كقوله تعالى :( فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم ( ( الصافات : ١٠٣، ١٠٤ ) الآية.
وقيل : الجواب :( فأما من أوتي كتابه بيمينه ( ( الانشقاق : ٧ )، ونسب إلى الكسائي واستحسنه أبو جعفر النحاس.
والخطاب لجميع الناس فاللام في قوله :( الإنسان ( لتعريف الجنس وهو للاستغراق كما دل عليه التفصيل في قوله :( فأما من أوتي كتابه بيمينه إلى قوله : كان به بصيراً ( ( الانشقاق : ١٥ ).
والمقصود الأول من هذا وعيد المشركين لأنهم الذين كذبوا بالبعث. فالخطاب بالنسبة إليهم زيادة للإِنذار، وهو بالنسبة إلى المؤمنين تذكير وتبشير. وقيل : أريد إنسان معين فقيل : هو الأسود بن عبد الأسد ( بالسين المهملة في ( الاستيعاب ) و ( الإِصابة ) ووقع في ( الكشاف ) بالشين المعجمة كما ضبطه الطيبي وقال هو في ( جامع الأصول ) بالمهملة )، وقيل : أُبيّ بن خلف، وقد يكون أحدهما سبب النزول أو هو ملحوظ ابتداء.
والكدحُ : يطلق على معان كثيرة لا نتحقق أيَّها الحقيقة، وقد أهمل هذه المادة في ( الأساس ) فلعله لأنه لم يتحقق المعنى الحقيقي. وظاهر كلام الراغب أن حقيقته : إتعاب النفس في العمل والكد. وتعليق مجروره في هذه الآية بحرف ( إلى ) تؤذن بأن المراد به عمل ينتهي إلى لقاء الله، فيجوز أن يضمن ) كادح ( معنى ساععٍ لأن كدح الناس في الحياة يتطلبون بعمل اليوم عملاً لغد وهكذا، وذلك يتقضَّى به زمن العمر الذي هو أجل حياة كل إنسان ويعقبه الموت الذي هو رجوع نفس الإنسان إلى محض تصرف الله، فلما آل سعيه وكدحه إلى الموت جُعِل كدحُه إلى ربه. فكأنه قيل : إنك كادح تسعى إلى الموت وهو لقاء ربك، وعليه فالمجرور ظرف مستقر هو خبر ثان عن حرف ( إنَّ )، ويجوز أن يضمن ) كادح ( معنى ماش فيكون المجرور ظرفاً لغواً.
و ) كدحاً ( منصوب على المفعولية المطلقة لتأكيد ) كادح ( المضمن معنى ساع إلى ربك، أي ساع إليه لا محالة ولا مفر.


الصفحة التالية
Icon