" صفحة رقم ٢٣٤ "
ومعنى ) بما يوعون ( بما يُضمرون في قلوبهم من العناد مع علمهم بأنَّ ما جاء به القرآن حق ولكنهم يظهرون التّكذيب به ليكون صدودهم عنه مقبولاً عند أتباعهم وبين مجاوريهم.
وأصل معنى الإِيعاء : جعل الشيء وعاء والوعاء بكسر الواو الظرف لأنه يُجمع فيه، ثم شاع إطلاقه على جمع الأشياء لئلا تفوت فصار مشعراً بالتقتير، ومنه قوله تعالى :( وجَمَع فأوعى ( ( المعارج : ١٨ ) وفي الحديث :( لا تُوعي فيُوعي الله عليكِ ) واستعمل في هذه الآية في الإِخفاء لأنّ الإِيعاء يستلزم الإِخفاء فهو هنا مجاز مرسل.
تفريع على جملة ) بل الذين كفروا يكذبون ( ( الانشقاق : ٢٢ ).
وفعل ( بشِّرهم ) مستعار للإِنذار والوعيد على طريقة التهكم لأن حقيقة التبشير : الإِخبار بما يَسرّ وينفع. فلما علق بالفعل عذاب أليم كانت قرينة التهكم كنَار على عَلم. وهو من قبيل قول عمرو بن كلثوم :
قَرَيْنَاكُم فعجَّلْنا قِراكُم
قُبَيْل الصبح مرْدَاةً طَحُونا
يجوز أن يكون الاستثناء متصلاً : إمَّا على أنه استثناء من الضمير في قوله :( لتركبن طبقاً عن طبق ( ( الانشقاق : ١٩ ) جرياً على تأويله بركوب طباق الشدائد والأهوال يوم القيامة وما هو في معنى ذلك من التهديد.
وإمّا على أنه استثناء من ضمير الجمع في ) فبشرهم ( ( الانشقاق : ٢٤ ) والمعنى إلا الذين يؤمنون من الذين هم مشركون الآن كقوله تعالى :( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ( ( البقرة : ١٦٠ ) وقوله في سورة البروج :( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا


الصفحة التالية
Icon