" صفحة رقم ٢٤٢ "
نُواس وكان يهودياً وكان أهل نجران مشركين يعبدون نخلة طويلة، فقتل الملك الغلامَ وقَتَل الراهب وأمر بأخاديد وجُمع فيها حَطب وأُشعلت، وعُرض أهل نجران عليها فمن رجع عن التوحيد تركه ومن ثبت على الدين الحق قذفه في النار.
فكان أصحاب الأخدود ممن عُذِّب من أهللِ دين المسيحية في بلاد العرب. وقِصص الأخاديد كثيرة في التاريخ، والتعذيب بالحرق طريقة قديمة، ومنها : نار إبراهيم عليه السلام. وأما تحريق عَمرو بن هند مائةً من بني تميم وتلقيبُه بالمحرق فلا أعرف أن ذلك كان باتخاذ أخدود. وقال ابن عطية : رأيت في بعض الكتب أن أصحاب الأخدود هو مُحرق وآله الذي حَرق من بني تميم مائةً.
و ) الأخدود ( : بوزن أُفعول وهو صيغة قليلة الدوران غيرُ مقيسة، ومنها قولهم : أفحوص مشتق من فحصت القطاة والدجاجةُ إذا بحثت في التراب موضعاً تَبيض فيه، وقولُهم أسلوب اسم لطريقة، ولسطر النّخل، وأقنوم اسم لأصل الشيء. وقد يكون هذا الوزن مع هاء تأنيث مثل أكرومة، وأعجوبة، وأُطروحة وأضحوكة.
وقوله :( النار ( بدل من الأخدود بدلَ اشتمال أو بعضضٍ من كل لأن المراد بالأخدود الحفير بما فيه.
و ) الوقود ( : بفتح الواو اسم ما تُوقد به النار من حطب ونفط ونحوه.
ومعنى ) ذات الوقود ( : أنها لا يخمد لهبها لأن لها وقوداً يُلقى فيها كلّما خبت.
ويتعلق :( إذ هم عليها قعود ( بفعل قُتل، أي لعنوا وغضب الله عليهم حين قعدوا على الأخدود.
وضمير ) هم ( عائد إلى أصحاب الأخدود فإن الملك يحضر تنفيذ أمره ومعه ملأه، أو أريد بهم المأمورون من الملك. فعلى احتمال أنهم أعوان الملك فالقُعود الجلوس كني به عن الملازمة للأخدود لئلا يتهاون الذين يحشون النار بتسعيرها، و ( على ) للاستعلاء المجازي لأنهم لا يقعدون فوق النار ولكن حولها. وإنما عبر عن القرب والمراقبة بالاستعلاء كقول الأعشى :
وبات على النار الندى والمحلق


الصفحة التالية
Icon