" صفحة رقم ٢٤٩ "
تقدم عند قوله تعالى :( أولئك هم المفلحون في سورة البقرة أن ضمير الفصل يليه الفعل المضارع على قول المازني، وهو التحقيق. ودليلُه قوله : ومكر أولئك هو يبور وقد تقدم في سورة فاطر.
( ١٤ ١٦ ) (
جملة معطوفة على جملة :( إن بطش ربك لشديد ( ( البروج : ١٢ ). ومضمونها قسيم لمضمون ) إن بطش ربك لشديد ( لأنه لما أفيد تعليل مضمون جملة :( إن الذين فتنوا المؤمنين ( ( البروج : ١٠ ) إلى آخره، ناسب أن يقابَل بتعليل مضمون جملة ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات ( ( البروج : ١١ ) إلى آخره، فعلِّل بقوله :( وهو الغفور الودود (، فهو يغفر للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ما فَرَط منهم وهو يحب التّوابين ويَوَدُّهم.
و ) الودود ( : فَعول بمعنى فاعل مشتق من الودّ وهو المحبة فمعنى الودود : المحبّ وهو من أسمائه تعالى، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته. والمحبة التي يوصف الله بها مستعملة في لازم المحبة في اللغة تقريباً للمعنى المتعالي عن الكيف وهو من معنى الرحمة، وقد تقدم عند قوله تعالى :( إن ربي رحيم ودود في آخر سورة هود.
ولما ذَكَر الله من صفاته ما تعلُّقه بمخلوقاته بحسب ما يستأهلونه من جزاءٍ أعْقب ذلك بصفاته الذاتية على وجه الاستطراد والتكملة بقوله : ذو العرش المجيد ( تنبيهاً للعباد إلى وجوب عبادته لاستحقاقه العبادة لجلاله كما يعبدونه لاتقاء عقابه ورجاء نواله.
و ) العرش ( : اسم لعالَم يحيط بجميع السماوات، سمي عرشاً لأنه دال على عظمة الله تعالى كما يدل العَرش على أن صاحبه من الملوك.
و ) المجيد ( : العظيم القويُّ في نوعه، ومن أمثالهم :( في كل شجر نارٌ، واستَمْجَد المرْخُ والعَفَار ) وهما شجران يكثر قدح النار من زندهما.


الصفحة التالية
Icon