" صفحة رقم ٢٦١ "
وعلى قراءة تشديد الميم تكون ( إنْ ) نافية و ) لمَّا ( حرف بمعنى ( إلاّ ) فإن ( لَمَّا ) ترد بمعنى ( إلاّ ) في النفي وفي القَسم، تقول : سألتُك لَمَّا فعلت كذا أي إلاّ فعلت، على تقدير : ما أسألك إلاّ فعل كذا فآلت إلى النفي وكلٌ من ( إنْ ) المخففة و ( إنْ ) النافية يُتلقَّى بها القسم.
وقد تضمن هذا الجواب زيادةً على إفادته تحقيق الجزاء إنذاراً للمشركين بأن الله يعلم اعتقادهم وأفعالهم وأنه سيجازيهم على ذلك.
( ٥ ٧ )
الفاء لتفريع الأمر بالنظر في الخلقة الأولى، على ما أريد من قوله :( إن كل نفس لما عليها حافظ ( ( الطارق : ٤ ) من لوازم معناه، وهو إثبات البعث الذي أنكروه على طريقة الكناية التلويحية الرمزية كما تقدم آنفاً، فالتقدير : فإن رأيتم البعثَ محالاً فلينظر الإِنسان مِمّ خُلق ليعلَمَ أن الخلق الثاني ليس بأبعد من الخلق الأول.
فهذه الفاء مفيدة مفاد فاء الفصيحة.
والنظر : نظر العقل، وهو التفكر المؤدي إلى علم شيء بالاستدلال فالمأمور به نظر المُنكر للبعث في أدلة إثباته كما يقتضيه التفريع على :( إن كل نفس لما عليها حافظ ( ( الطارق : ٤ ).
و ( مِنْ ) من قوله :( مم خلق ( ابتدائية متعلقة ب ) خلق ). والمعنى : فليتفكر الإِنسان في جواب : مَا شيء خلق منه ؟ فقدّم المتعلِّق على عامله تبعاً لتقديم ما اتصلت به من ( من ) اسم الاستفهام.
و ( ما ) استفهامية عَلّقت فعل النَّظر العقلي عن العمل.
والاستفهام مستعمل في الإِيقاظ والتنبيه إلى ما يجب علمه كقوله تعالى :( من أي شيء خلقه ( ( عبس : ١٨ ) فالاستفهام هنا مجاز مرسل مركب.
وحذف ألف ( ما ) الاستفهامية على طريقة وقوعها مجرورة.


الصفحة التالية
Icon