" صفحة رقم ٢٧ "
) ونزَّلنا من السماء ماء مباركاً فأنبتنا به جناتٍ ( ( ق : ٩ ) الآية. ثم أتبع ثانياً بالاستدلال به على البعث بقوله :( كذلك الخروج ( ( ق : ١١ ). والبعث خروج من الأرض قال تعالى :( ومنها نخرجكم تارة أخرى في سورة طه.
والحَب : اسم جمع حبّة وهي البرزة. والمراد بالحب هنا : الحب المقتات للناس مثل : الحنطة، والشعير، والسُّلت، والذُّرة، والأرزُّ، والقُطنية، وهي الحبوب التي هي ثمرة السنابل ونحوها.
والنّبات أصله اسم مصدر نبت الزرع، قال تعالى : واللَّه أنبتكم من الأرض نباتاً ( ( نوح : ١٧ ) وأطلق النبات على النابت من إطلاق المصدر على الفاعل وأصله المبالغة ثم شاع استعماله فنسيت المبالغة.
والمراد به هنا : النبات الذي لا يؤكل حبه بل الذي ينتفع بذاته وهو ما تأكله الأنعام والدواب مثل التبن والقُرط والفصفصة والحشيش وغير ذلك.
وجعلت الجنات مفعولاً ل ( تخرج ) على تقدير مضاف، أي نخل جنات أو شجر جنات، لأن الجنات جمع جَنة وهي القطعة من الأرض المغروسة نخلاً، أو نخلاً وكرْماً، أو بجميع الشجر المثمر مثل التين والرمان كما جاء في مواضعَ من القرآن، وهي استعمالات مختلفة باختلاف المنابت.
ووجه إيثار لفظ ) جنات ( أن فيه إيماء إلى إتمام المنة لأنهم كانوا يحبون الجنات والحدائق لما فيها من التنعم بالظِّلال والثمار والمياه وجمال المنظر، ولذلك أتبعت بوصف ) ألفافاً ( لأنه يزيدها حسناً، وإن كان الفلاحون عندنا يفضلون التباعد بين الأشجار لأن ذلك أوفر لكمية الثمار لأن تباعدها أسعد لها بتخلل الهواء وشعاع الشمس، لكن مساق الآية هنا الامتنان بما فيه نعيم الناس.
وألفاف : اسم جمع لا واحد له من لفظه وهو مثل أوزاع وأخياف، أي كل جنة ملتفة، أي ملتفة الشجر بعضه ببعض.
فوصف الجنات بألفَاف مبنيّ على المجاز العقلي لأن الالتفاف في أشجارها ولكن لما كانت الأشجار لا يَلتفّ بعضها على بعض في الغالب إلا إذا جمعتها جنة