" صفحة رقم ٢٧٣ "
والخطاب للنبيء ( ﷺ )
والتسبيح : التنزيه عن النقائص وهو من الأسماء التي لا تضاف لغير اسم الله تعالى وكذلك الأفعال المشتقة منه لا ترفع ولا تنصب على المفعولية إلا ما هو اسم لله، وكذلك أسماء المصدر منه نحو : سبحان الله، وهو من المعاني الدينية، فالأشبه أنه منقول إلى العربية من العبرانية وقد تقدم عند قوله تعالى :( ونحن نسبح بحمدك في سورة البقرة.
وإذْ عُدِّي فعلُ الأمر بالتسبيح هنا إلى اسْم فقد تعين أن المأمور به قول دال على تنزيه الله بطريقة إجراء الأخبار الطيبة أو التوصيف بالأوصاف المقدسة لإِثباتها إلى ما يدل على ذاته تعالى من الأسماء والمعاني، ولما كان أقوالاً كانت متعلقة باسم الله باعتبار دلالته على الذات، فالمأمور به إجراء الأخبار الشريفة والصفات الرفيعة على الأسماء الدالة على الله تعالى من أعلام وصفات ونحوها، وذلك آيل إلى تنزيه المسمَّى بتلك الأسماء. ولهذا يكثر في القرآن إناطة التسبيح بلفظ اسم الله نحو قوله : فسبح باسم ربك العظيم ( ( الواقعة : ٧٤ ) وقد تقدم ذلك في مبحث الكلام على البسملة في أول هذا التفسير.
فتسبيح اسم الله النطقُ بتنزيهه في الخُوَيصَّة وبينَ الناس بذكر يليق بجلاله من العقائد والأعمال كالسجود والحمد. ويشمل ذلك استحضارَ الناطق بألفاظ التسبيح معانيَ تلك الألفاظ إذ المقصود من الكلام معناه. وبتظاهُرِ النطق مع استحضار المعنى يتكرر المعنى على ذهن المتكلم ويتجدد ما في نفسه من تعظيم لله تعالى.
وأما تفكر العبد في عظمة الله تعالى وترديد تنزيهه في ذهنه فهو تسبيح لذات الله ومسمَّى اسمه ولا يسمى تسبيح اسممِ الله، لأن ذلك لا يجري على لفظ من أسماء الله تعالى، فهذا تسبيح ذات الله وليس تسبيحاً لاسمه.
وهذا ملاك التفرقة بين تعلق لفظ التسبيح بلفظ اسم الله نحو ) سبح اسم ربك (، وبين تعلقه بدون اسم نحو ) ومن الليل فاسجُد له وسبحه ( ( الإنسان : ٢٦ ) ونحو ) ويسبحونه وله يسجدون ( ( الأعراف : ٢٠٦ ) فإذا قلنا :( اللَّه أحد ( ( الإخلاص : ١ ) أو قلنا :( هو الله الذي لا إلاه إلا هو الملك القدوس السلام ( ( الحشر : ٢٣ ) إلى آخر السورة كان ذلك تسبيحاً لاسمه


الصفحة التالية
Icon