" صفحة رقم ٢٧٥ "
والعلوّ المشتقُّ منه وصفه تعالى :( الأعلى ( علوّ مجازي، وهو الكمال التام الدائم.
ولم يعدَّ وصفه تعالى :( الأعلى ( في عداد الأسماء الحسنى استغناء عن اسمه ) العليُّ ( لأن أسماء الله توقيفية فلا يعد من صفات الله تعالى بمنزلة الاسم إلا ما كثر إطلاقه إطلاقَ الأسماء، وهو أوغل من الصفات، قال الغزالي : والعلوّ في الرتبة العقلية مثل العلوّ في التدريجات الحسية، ومثال الدرجة العقلية، كالتفاوت بين السبب والمسبب والعلة والمعلول والفاعل والقابل والكامل والناقص اه.
وإيثار هذا الوصف في هذه السورة لأنها تضمنت التنويه بالقرآن والتثبيت على تلقيه وما تضمنه من التذكير وذلك لعلو شأنه فهو من متعلقات وصف العلوّ الإلاهي إذ هو كلامه.
وهذا الوصف هو ملاك القانون في تفسير صفات الله تعالى ومحاملها على ما يليق بوصف الأعلى فلذلك وجب تأويل المتشابهات من الصفات.
وقد جُعل من قوله تعالى :( سبح اسم ربك الأعلى ( دعاء السجود في الصلاة إذ ورد أن يقول الساجد : سبحان ربي الأعلى، ليقرن أثر التنزيه الفعلي بأثر التنزيه القولي.
وجملة :( الذي خلق فسوى ( اشتملت على وصفين : وصف الخلق ووصف تسويه الخلق، وحذف مفعول ) خلق ( فيجوز أن يقدر عامّاً، وهو ما قدره جمهور المفسرين، وروي عن عطاء، وهو شأن حذف المفعول إذا لم يدل عليه دليل، أي خلق كل مخلوق فيكون كقوله تعالى حكاية عن قول موسى :( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ( ( طه : ٥٠ ).
ويجوز أن يقدر خاصاً، أي خلق الإنسان كما قدره الزجاج، أو خلق آدم كما روي عن الضحاك، أي بقرينة قرن فعل ) خلق ( بفعل ( سوى ) قال تعالى :( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ( ( الحجر : ٢٩ ) الآية.
وعطف جملة :( فسوى ( بالفاء دون الواو للإِشارة إلى أن مضمونها هو المقصود من الصلة وأن ما قبله توطئة له كما في قول ابن زيابة :


الصفحة التالية
Icon