" صفحة رقم ٢٧٨ "
والمرادُ : إخراجه من الأرض وهو إنباته.
والمرعى : النبت الذي ترعاه السوائم، وأصله : إما مصدر ميمي أطلق على الشيء المَرْعِيّ من إطلاق المصدر على المفعول مثل الخلق بمعنى المخلوق وإما اسم مكان الرعي أطلق على ما ينبت فيه ويُرعَى إطلاقاً مجازياً بعلاقة الحلول كما أطلق اسم الوادي على الماء الجاري فيه.
والقرينة جعله مفعولاً ل ) أخرج (، وإيثار كلمة ) المرعى ( دون لفظ النبات، لما يشعر به مادة الرعي من نفع الأنعام به ونفعها للناس الذين يتخذونها مع رعاية الفاصلة...
والغُثاء : بضم الغين المعجمة وتخفيف المثلثة، ويقال بتشديد المثلثة هو اليابس من النبت.
والأحوى : الموصوف بالحُوَّة بضم الحاء وتشديد الواو، وهي من الألوان : سُمرة تقرب من السواد. وهو صفة ) غثاء ( لأن الغثاء يابس فتصير خضرته حُوّة.
وهذا الوصف أحوى لاستحضار تغيُّر لونه بعد أن كان أخضر يانعاً وذلك دليل على تصرفه تعالى بالإنشاء وبالإنهاء. وفي وصف إخراج الله تعالى المرعى وجعله غُثاء أحوى مع ما سبقه من الأوصاف في سياق المناسبة بينها وبين الغرض المسوق له الكلام إيماء إلى تمثيل حال القرآن وهدايته وما اشتمل عليه من الشريعة التي تنفع الناس بحال الغيث الذي يَنبت به المرعَى فتنتفع به الدواب والأنعام، وإلى أن هذه الشريعة تكمل ويبلغ ما أراد الله فيها كما يكمل المرعَى ويبلغ نُضجه حين يصير غثاء أحوى، على طريقة تمثيلية مكنية رُمز إليها بذكر لازم الغيث وهو المرعى. وقد جاء بيان هذا الإِيماء وتفصيله بقول النبي ( ﷺ ) ( مثل ما بَعَثني الله به من الهُدى والعِلم كمثَل الغيث الكثير أصابَ أرضاً فكان منها نَقِيُّةٌ قَبِلَتْ الماء فأنبتت الكلأ والعُشُبَ الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسَقوا وزرعوا ) الحديث.