" صفحة رقم ٢٨٤ "
التذكير بشراشره فإن امتثال الأمر إذا عاضده إقبال النفس على فعل المأمور به كان فيه مسرة للمأمور، فجَمع بين أداء الواجب وإرضاء الخاطر.
فالفاء للتفريع على ما تقدم تفريعَ النتيجة على المقدمات.
والأمر : مستعمل في طلب الدوام.
والتذكير : تبليغ الذكر وهو القرآن.
والذكرى : اسم مصدر التذكير وقد تقدم في سورة عبس.
ومفعول ) فذكر ( محذوف لقصد التعميم، أي فذكر الناس ودلّ عليه قوله :( سيذكر من يخشى ( الآيتين.
وجملة :( إن نفعت الذكرى ( معترضة بين الجملتين المعلَّلة وعِلتها، وهذا الاعتراض منظور فيه إلى العموم الذي اقتضاه حذف مفعول ) فذكر (، أي فدم على تذكير الناس كلهم إن نفعت الذكرى جميعهم، أي وهي لا تنفع إلا البعض وهو الذي يؤخذ من قوله :( سيذكر من يخشى ( الآية.
فالشرط في قوله :( إن نفعت الذكرى ( جملة معترضة وليس متعلقاً بالجملة ولا تقييداً لمضمونها إذ ليس المعنى : فذكر إذا كان للذكرى نفع حتى يفهم منه بطريق مفهوم المخالفة أن لا تُذَكِّر إذا لم تنفع الذكرى، إذ لا وجه لتقييد التذكير بما إذا كانت الذكرى نافعة إذ لا سبيل إلى تعرف مواقع نفع الذكرى، ولذلك كان قوله تعالى :( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ( ( ق : ٤٥ ) مؤولاً بأن المعنى فذكر بالقرآن فيتذكر من يخاف وعيد، بل المراد فذكّر الناس كافة إنْ كانت الذكرى تنفع جميعَهم، فالشرط مستعمل في التشكيك لأن أصل الشرط ب ( إنْ ) أن يكون غير مقطوع بوقوعه، فالدعوة عامة وما يعلمه الله من أحوال الناس في قبول الهدى وعدمه أمر استأثر اللَّهُ بعلمه، فأبو جهل مدعو للإِيمان والله يعلم أنه لا يؤمن لكن الله لم يخصّ بالدعوة من يرجى منهم الإِيمان دون غيرهم، والواقعُ يكشف المقدور.
وهذا تعريض بأن في القوم من لا تنفعه الذكرى وذلك يفهم من اجْتلاب حرف ( إنْ ) المقتضي عدم احتمال وقوع الشرط أو ندرة وقوعه، ولذلك جاء بعده بقوله :


الصفحة التالية
Icon