" صفحة رقم ٢٩ "
( ١٧ ١٨ )
هذا بيان لما أجمله قوله :( عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون ( ( النبأ : ٢ ٣ ) وهو المقصود من سياق الفاتحة التي افتتحت بها السورة وهيأتْ للانتقال مناسبة ذكر الإِخراج من قوله :( لنخرج به حباً ونباتاً ( ( النبأ : ١٥ ) الخ، لأن ذلك شُبه بإخراج أجساد الناس للبعث كما قال تعالى :( فأنبتنا به جنات وحب الحصيد إلى قوله : كذلك الخروج في سورة ق ( ٩ ١١ ).
وهو استئناف بياني أعقب به قوله : لنخرج به حباً ونباتاً ( ( النبأ : ١٥ ) الآية فيما قصد به من الإِيماء إلى دليل البعث.
وأكد الكلام بحرف التأكيد لأن فيه إبطالاً لإِنكار المشركين وتكذيبهم بيوم الفصل.
ويومُ الفصل : يوم البعث للجزاء.
والفصل : التمييز بين الأشياء المختلطة، وشاع إطلاقه على التمييز بين المعاني المتشابهة والملتبسة فلذلك أطلق على الحكم، وقد يضاف إليه فيقال : فصل القضاء، أي نوع من الفصل لأن القضاء يميز الحق من الظلم.
فالجزاء على الأعمال فصل بين الناس بعضهم من بعض.
وأوثر التعبير عنه بيوم الفصل لإِثبات شيئين :
أحدهما : أنه بَيَّن ثبوت ما جحدوه من البعث والجزاء وذلك فصل بين الصدق وكذبهم.
وثانيهما : القضاء بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اعتدى به بعضهم على بعض.
وإقحام فعل ) كان ( لإِفادة أن توقيته متأصل في علم الله لِما اقتضته حكمته تعالى التي هو أعلم بها وأن استعجالهم به لا يقدّمه على ميقاته.


الصفحة التالية
Icon