" صفحة رقم ٢٩٧ "
يقال : أنَى إذا بلغ شدة الحرارة، ومنه قوله تعالى :( يطوفون بينها وبين حميم آن في سورة الرحمن.
وذكر السقي يُخطر في الذهن تطلب معرفة ما يَطْعمونه فجيء به خبراً سادساً أو حالاً من ضمير تسقى ( بجملة ) ليس لهم طعام إلا من ضريع (، أي يطعمون طعام إيلام وتعذيب لا نفع فيه لهم ولا يدفع عنهم ألماً.
وجملة :( ليس لهم طعام ( الخ خبر سادس عن ) وجوه ).
وضمير ) لهم ( عائد إلى ) وجوه ( باعتبار تأويله بأصحاب الوجوه ولذلك جىء به ضمير جماعة المذكر. والتذكير تغليب للذكور على الإِناث.
والضريع : يابس الشِّبْرِق ( بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء ) وهو نبت ذو شَوك إذا كان رطباً فإذا يبس سمي ضَريعاً وحينئذ يصير مسموماً وهو مرعى للإِبل ولحُمُر الوحش إذا كان رطباً، فما يعذب بأهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه وسوء مَغبته.
وقيل : الضريع اسم سَمّى القرآن به شجراً في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغِسلين الوارد في قوله تعالى :( فليس له اليوم ههنا حميم ولا طعام إلا من غسلين ( ( الحاقة : ٣٥، ٣٦ ) وعليه فحرف ) مِن للابتداء، أي ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين وقد حصل الجمع بين الآيتين.
ووصفُ ضريع بأنه لا يُسمن ولا يغني من جوع لتشويهه وأنه تمحض للضر فلا يعود على آكليه بسمن يصلح بعض ما التفح من أجسادهم، ولا يغني عنهم دفع ألم الجوع، ولعل الجوع من ضروب تعذيبهم فيسألون الطعام فيُطعمون الضريع فلا يدفع عنهم ألم الجوع.
والسِمن، بكسر السين وفتح الميم : وفرة اللحم والشحم للحيوان يقال : أسمنه الطعامُ، إذا عاد عليه بالسمن.
والإِغناء : الإِكفاء ودفع الحاجة. ومن جوع ( متعلق ب ) يغني ( وحرف ) من ( لمعنى البدلية، أي غناء بدلاً عن الجوع.