" صفحة رقم ٣١٩ "
والعمادُ : عُود غليظ طويلٌ يُقام عليه البيت يركز في الأرض تقام عليه أثواب الخيمة أو القبة ويسمى دَعامةً، وهو هنا مستعار للقوة تشبيهاً للقبيلة القوية بالبيت ذات العماد.
وإطلاق العِماد على القوة جاء في قول عمرو بن كلثوم :
ونَحن إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّت
على الأحْفاض نَمنع من يَلِينا
ويجوز أن يكون المراد ب ) العماد ( الأعلام التي بنوْها في طرُقهم ليهتدي بها المسافرون المذكورةَ في قوله تعالى :( أتبنون بكل ريع آية تعبثون ( ( الشعراء : ١٢٨ ).
ووُصفت عاد ب ) ذات العماد ( لقوتها وشدتها، أي قد أهلك الله قوماً هم أشد من القوم الذين كذبوك قال تعالى :( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ( ( محمد : ١٣ ) وقال :( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة ( ( غافر : ٢١ ).
و ) التي ( : صادق على ( عاد ) بتأويل القبيلة كما وصفت ب ) ذات العماد ( والعرب يقولون : تَغلِبُ ابنةُ وائل، بتأويل تغلب بالقبيلة.
و ) البلاد ( : جمعَ بَلَد وبلْدة وهي مساحة واسعة من الأرض معيَّنة بحدود أو سكان.
والتعريف في ) البلاد ( للجنس والمعنى : التي لم يخلق مثل تلك الأمة في الأرض. وأريد بالخلق خلق أجسادهم فقد رُوي أنهم كانوا طِوالاً شداداً أقوياء، وكانوا أهل عقل وتدبير، والعرب تضرب المثل بأحلام عاد، ثم فسدت طباعهم بالترف فبطروا النعمة.
والظاهر أن لام التعريف هنا للاستغراق العُرفي، أي في بلدان العرب وقبائلهم.
وقد وضع القصاصون حول قوله تعالى :( إرم ذات العماد ( قصةً مكذوبة فزعموا أن ) إرم ذات العماد ( مركب جعل اسماً لمدينة باليَمن أو بالشام أو بمصر، ووصفوا قصورها وبساتينها بأوصاف غير معتادة، وتقوَّلوا أن أعرابياً يقال له : عبدُ الله بن قلابة كان في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان تاهَ في ابتغاء إبِلٍ


الصفحة التالية
Icon