" صفحة رقم ٣٢٢ "
و ) الفساد ( : سوء حال الشيء ولحاق الضر به قال تعالى :( وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ( ( البقرة : ٢٠٥ ). وضد الفساد الصلاح قال تعالى :( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ( ( الأعراف : ٥٦ ) وكان ما أكثروه من الفساد سبباً في غضب الله عليهم، والله لا يحب الفساد فصب عليهم العذاب.
والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى :( ربنا أفرغ علينا صبراً ( ( البقرة : ٢٥٠ ) ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ.
وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً.
فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير.
وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة.
وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم.
والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري.
وعن الفراء أن كلمة ) سوط عذاب ( يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط ( أي يقع بالسوط )، يُريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك.
وإضافة ) سوط ( إلى ) عذاب ( من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي صب عليهم عذاباً سوطاً، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ.
وجملة :( إن ربك لبالمرصاد ( تذييل وتعليل لإِصابتهم بسوط عذاب إذا قُدِّر جواب القسم محذوفاً. ويجوز أن تكون جواب القَسَم كما تقدم آنفاً.
فعلى كون الجملة تذييلاً تكون تعليلاً لجملة ) فصب عليهم ربك سوط عذاب ( تثبيتاً للنبيء ( ﷺ ) بأن الله ينصر رسله وتصريحاً للمعاندين بما عَرَّض لهم به


الصفحة التالية
Icon