" صفحة رقم ٣٣٦ "
والدّك : الحَطْم والكسر.
والمراد بالأرض الكُرَة التي عليها الناس، ودكّها حطمها وتفرق أجزائها الناشىءُ عن فساد الكون الكائنة عليه الآن، وذلك بما يحدثه الله فيها من زلازل كما في قوله :( إذا زلزلت الأرض زلزالها ( ( الزلزلة : ١ ) الآية.
و ) دكاً دكاً ( يجوز أن يكون أولهما منصوباً على المفعول المطلق المؤكِّد لفعله. ولعل تأكيده هنا لأن هذه الآية أول آية ذكر فيها دَكُّ الجبال، وإذ قد كان أمراً خارقاً للعادة كان المقام مقتضياً تحقيق وقوعه حقيقةً دون مجاز ولا مبالغة، فأكد مرتين هنا ولم يؤكد نظيره في قوله :( فدكتا دكة واحدة ( في سورة الحاقة ف ) دكّا ( الأول مقصود به رفع احتمال المجاز عن ( دُكّتا ) الدك أي هو دَكّ حقيقي، و ) دَكا ( الثاني منصوباً على التوكيد اللفظي لدكا الأول لزيادة تحقيق إرادة مدلول الدك الحقيقي لأن دك الأرض العظيمة أمر عجيب فلغرابته اقتضى إثباتُه زيادة تحقيق لمعناه الحقيقي.
وعلى هذا درج الرضي قال : ويستثنى من منع تأكيد النكرات ( أي تأكيداً لفظياً ) شيء واحد وهو جواز تأكيدها إذا كانت النكرة حكماً لا محكوماً عليه كقوله ( ﷺ ) ( فنكاحها باطل باطل باطل ). ومثله قوله تعالى :( دكت الأرض دكاً دكاً ( فهو مثل : ضَرَبَ ضَرَب زيدٌ ا هـ.
وهذا يلائم ما في وصف دكّ الأرض في سورة الحاقة بقوله تعالى :( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ( ( الحاقة : ١٤ ) ودفع المنافاة بين هذا وبين ما في سورة الحاقة.
ويجوز أن يكون مجموع المصدرين في تأويل مفرد منصوب على المفعول المطلق المبيِّن للنوع. وتأويله. أنه دكّ يعقُب بعضه بعضاً كما تقول : قرأت الكتاب باباً باباً وبهذا المعنى فسّر صاحب ( الكشاف ) وجمهور المفسرين من بعده. وبعض المفسرين سكت عن بيانه قال الطيبي :( قال ابن الحاجب : لعلّه قالَه في ( أماليه على المقدمة الكافية ) وفي نسختي منها نقص ولا أعرف غيرها بتونس ولا يوجد هذا الكلام في ( إيضاح المفصل ) بينت له حسابه باباً باباً، أي مفصلاً. والعرب تكرر


الصفحة التالية
Icon