" صفحة رقم ٣٤٠ "
عذاباً لا نظير له في أصناف عذاب المعذّبين على معنى قوله تعالى :( فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ( ( المائدة : ١١٥ ) والمراد في شدته.
وهذا بالنسبة لبني الإنسان، وأما عذاب الشياطين فهو أشدُّ لأنهم أشد كفراً و ) أحد ( يستعمل في النفي لاستغراق جنس الإنسان فأحَدٌ في سياق النفي يعمّ كل أحد قال تعالى :( يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ للَّه ( ( الانفطار : ١٩ ) فانحصر الأحد المعذِّب ( بكسر الذال ) في فرد وهو الله تعالى.
وقرأه الكسائي ويعقوب بفتح ذال ) يعذَّب ( وفتح ثاء ) يوثق ( مبنيين للنائب. وعن أبي قلابة قال :( حدثني من أقرأه النبي ( ﷺ ) أنه قرأ ) يعذَّب ( و ) يوثَق ( بفتح الذال وفتح الثاء ). قال الطبري : وإسناده واهٍ وأقول أغنى عن تصحيح إسناده تواترُ القراءة به في بعض الروايات العشر وكلها متواتر.
والمعنى : لا يعذَّب أحدٌ مثلَ عذاب مَا يعذَّب به ذلك الإنسان المتحسر يومئذ، ولا يوثَق أحدٌ مثلَ وَثاقه، ف ) أحد ( هنا بمنزلة ( أحداً ) في قوله تعالى :( فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ( ( المائدة : ١١٥ ).
والوَثاق بفتح الواو اسم مصدر أوثق وهو الربْط ويجعل للأسير والمقُود إلى القتل. فيجعل لأهل النار وثاق يساقون به إلى النار قال تعالى :( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ( ( غافر : ٧١، ٧٢ ) الآية.
وانتصاب ) وثاقه ( كانتصاب ) عذابه ( على المفعولية المطلقة لمعنى التشبيه.
( ٢٧ ٣٠ )
لما استوعب ما اقتضاه المقام من الوعيد والتهديد والإِنذار ختم الكلام بالبشارة للمؤمنين الذين تذكروا بالقرآن واتَّبعوا هديه على عادة القرآن في تعقيب النذارة بالبشارة والعكس فإن ذلك مما يزيد رغبة الناس في فعل الخير ورهبتهم من أفعال الشر.


الصفحة التالية
Icon