" صفحة رقم ٣٥٥ "
وقد استعيرت الهداية هنا للإِلهام الذي جعله الله في الإنسان يدرك به الضارّ والنافع وهو أصل التمدن الإنساني وأصل العلوم والهداية بدين الإسلام إلى ما فيه الفوز.
واستعير النجدان للخير والشر، وجعلا نجدين لصعوبة اتباع أحدهما وهو الخير فغلِّب على الطريقين، أو لأن كل واحد صعب باعتبار، فطريق الخير صعوبته في سلوكه، وطريق الشر صعوبته في عواقبه، ولذلك عبر عنه بعدَ هذا ب ) العَقَبة ( ( البلد : ١١ ).
ويتضمن ذلك تشبيه إعمال الفكر لنوال المطلوب بالسير في الطريق الموصل إلى المكان المرغوب كما قال تعالى :( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ( ( الإنسان : ٣ ) وتشبيه الإِقبال على تلقّي دعوة الإِسلام إذ شقّت على نفوسهم كذلك.
وأدمج في هذا الاستدلال امتنانٌ على الإِنسان بما وُهبه من وسائل العيش المستقيم.
ويجوز أن تكون الهداية هداية العقل للتفكير في دلائل وجود الله ووحدانيته بحيث لو تأمل لعَرف وحدانية الله تعالى فيكون هذا دليلاً على سبب مؤاخذة أهل الشرك والتعطيل بكفرهم في أزمان الخلو عن إرسال الرسل على أحد القولين في ذلك بين الأشاعرة من جهة، وبين الماتريدية والمعتزلة من جهة أخرى.
( ١١ ١٧ ) ) (
يجوز أن يكون ) فلا اقتحم العقبة ( تفريع إدماج بمناسبة قوله :( وهديناه النجدين ( ( البلد : ١٠ ) أي هديناه الطريقين فلمْ يسلك النجْد الموصِّل إلى الخير.
ويجوز أن يكون تفريعاً على جملة ) يقول أهلكت مالاً لبداً ( ( البلد : ٦ ) وما بينهما اعتراضاً، وتكون ( لا اقتحم العقبة ) استفهاماً حذف منه أداته. وهو استفهام إنكار، والمعنى : أنه يدعي إهلاك مَال كثيرٍ في الفساد من ميسر وخمر ونحو ذلك


الصفحة التالية
Icon