" صفحة رقم ٣٥٧ "
والكلام مسوق مساق التوبيخ على عدم اهتداء هؤلاء للأعمال الصالحة مع قيام أسباب الاهتداء من الإِدراك والنطق.
وقوله :( وما أدراك ما العقبة ( حال من العقبة في قوله :( فلا اقتحم العقبة ( للتنويه بها وأنها لأهميتها يَسأل عنها المخاطب هل أعلَمَهُ مُعْلِم ما هي، أي لم يقتحم العقبة في حال جَدارتها بأن تُقتحم. وهذا التنويه يفيد التشويق إلى معرفة المراد من العقبة.
و ) ما ( الأولى استفهام. و ) ما ( الثانية مثلها. والتقدير : أيُّ شيء أعلمك ما هي العقبة، أي أعْلَمك جواب هذا الاستفهام، كناية عن كونه أمراً عزيزاً يحتاج إلى من يُعلمك به.
والخطاب في ) ما أدراك ( لغير معين لأن هذا بمنزلة المثل.
وفِعل ) أدراك ( معلق عن العمل في المفعولين لوقوع الاستفهام بعده وقد تقدم نظيره في سورة الحاقة.
وقرأ نافع وابنُ عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخَلف، ) فك رقبة ( برفع ) فكُّ ( وإضافتِه إلى ) رقبة ( ورفععِ ) إطعام ( عطفاً على ) فكّ ).
وجملة :( فك رقبة ( بيان للعقبة والتقدير : هي فكّ رقبة، فحذف المسند إليه حذفاً لمتابعة الاستعمال. وتبيين العقبة بأنها :( فك رقبة أو إطعام ( مبني على استعارة العقبة للأعمال الصالحة الشاقة على النفس. وقد علمت أن ذلك من تشبيه المعقول بالمحسوس، فلا وجه لتقدير من قدَّر مضافاً فقال : أي وما أدراك ما اقتحام العقبة.
وقرأه ابن كثير وأبو عَمرو والكسائي ) فَكَّ ( بفتح الكاف على صيغة فعل المضي، وبنصب ) رقبةً ( على المفعول ل ) فكَّ ( أو ( أطعم ) بدون ألف بعد عين ) إطعام ( على أنه فعل مضي عطفاً على ) فَكَّ (، فتكون جملة :( فكَّ رقبةً ( بياناً لجملة ) فلا اقتحم العقبة ( وما بينهما اعتراضاً، أو تكون بدلاً من جملة ) اقتحم العقبة ( أي فلا اقتحم العقبة ولا فكَّ رقبةً أو أطعم. وما بينهما اعتراض كما تقرر آنفاً.


الصفحة التالية
Icon